وأضاف ابن كثير في نهايته عند سرده لوصية أمير المؤمنين عليهالسلام عندما اُصيب وطلب منه أن يوصي لمن بعده ، حيث ذكر أنّه عليهالسلام قال : لا ، ولكن أدعكم كما ترككم رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ يعني بغير استخلاف (١٧) ـ !!
بل ومن المفارقات العجيبة ما قراته في تاريخ بغداد (١٨) ( ٧ : ٣٨١ ) عند ترجمته لأبي سعيد العدوي ( ٣٩١٠ ) فبعد أن استعرض جانبا من شيوخه الّذين حدث عنهم والّذين حدثوا عنه ، سرد حكاية له حول مروره بالبصرة على باب عثمان بن أبي العاص ، حيث نقل رؤيته لجماعة من الناس مجتمعة حول أحد الشيوخ الطاعنين في السن ، وكان خراش بن عبدالله خادم أنس بن مالك ، وهو يحدثهم ما سمعه من الأحاديث ، وبين يديه من يكتب ، قال أبو سعيد : فأخذت قلماً من يد رجل وكتبت هذه الثلاثة عشر حديثاً « أسفل نعلي » انتهى. هكذا عبارة مبتورة مشوهة.
غير أن الصحيح ما نقله ابن حجر في لسان الميزان ( ٢ : ٢٢٩ ) عند ترجمته للمذكور نفسه ، حيث نقل عين العبارة المتقدمة ـ وعن الخطيب البغدادي نفسه ـ ولكن بشكل مغاير مختلف ، حيث روى : وقال الخطيب : أخبرنا محمود بن محمّد العكبري .. قال أبو سعيد : فأخذت قلما من يد رجل وكتبت هذه الثلاثة عشر حديثاً في « فضل عليّ » !! وأورد قبلها جملة من هذه الروايات (١٩).
__________________
(١٧) اُنظر : البداية والنهاية ٨ : ١٤ ، والغريب في الأمر أن هذا السؤال نقلته المصادر عن عبدالله بن جندب ، وكان في حقيقته بهذا الشكل : قلت له [ أيّ عبد الله ] لعلي عليهالسلام : يا أمير المؤمنين ، إن فقدناك فلا نفقدك ، فنبايع الحسن ؟ قال : نعم.
انظر : المناقب ـ للخوارزمي ـ : ٢٧٨ ، وما يدلّ عليه : الأغاني ١٢ : ٣٢٨ ، فجاءت النقل وجعلت محل « نعم » إمّا « لا » أو « لا آمركم ولا أنهاكم ».
(١٨) الكتاب طبعته ونشرته المكتبة السلفية في المدينة المنوّرة.
(١٩) أقول : ما ذكرته لا يعدو غيضاً من فيض ، فيمكن للباحث أن يحقق في كتب الفضائل التي نقلت قبل مئات السنين جملة وافرة من فضائل أهل البيت عليهمالسلام ومن مصادر معروفة مشهورة ، غير أنّه بعد أن أعيد طبع هذه المصادر ـ بحجة التحقيق أو النشر ـ اسقطت الكثير من هذه الأحاديث بصلافة غريبة وتجرأ عجيب ، والشواهد على ذلك كثيرة ومتعددة ، ومثال على ذلك ما وجدته عند تتبع بعض ما نقله ابن