.................................................................................................
______________________________________________________
يحكم عليها بالزيادة ، وعلى الثانية بالأصالة ، ولا يعكس الحكم ؛ لأن زيادة الياء أوّلا أكثر من زيادتها غير أول ، وإذا حقق الأمر فيما ذكر ، علم أن ذكر الهمزة والميم والياء المصدرة مغن عن ذكر الألف والواو والياء إذا كانت غير مصدّرة ، ولهذا اقتصر المصنف على ذكرها حين قال في أثناء الفصل الذي بعد الفصل التالي لهذا الفصل الذي نحن فيه : وتترجح زيادة ما صدّر من ياء أو همزة أو ميم على زيادة ما بعده من حرف لين أو تضعيف (١) ، وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى.
واعلم أن المصنف لما قرّر مواضع زيادة الأحرف الخمسة أعني الألف والياء والواو والهمزة والميم ، وحكم بزيادة كل منهم متى صحب أكثر من أصلين بالقيود التي ذكرها ، وكان الحكم بالزيادة موقوفا على شرط ، شرع في الإشارة إليه فقال : إن لم يعارض دليل الأصالة ، يعني أنّا لا نحكم بزيادة حرف من هذه الحروف ، وإن كان في محل من شأنه أن يحكم بزيادته فيه ، إلا إذا انتفى ما يدل على أصالته ، أما إذا وجد دليل يدل على الأصالة فإنّه يجب الرجوع إليه ، ثم إنه أشار إلى أن الذي يدل على الأصالة أمران : أحدهما : الاشتقاق (٢) ولا شك أنه أقوى الأدلّة ؛ ولهذا يقول ـ
__________________
(١) التسهيل (٢٩٧ ، ٢٩٨).
(٢) الاشتقاق : هو أن تجد بين اللفظين تناسبا في المعنى والتركيب ، فتردّ أحدهما إلى الآخر نحو : ردك ضرب إلى الضّرب والمضروب إليه ـ أيضا ـ للمناسبة التي بينهما في اللفظ والمعنى ، فيسوغ لك أن تقول :هذا مشتق من ذاك. وهو بهذا التعريف يسمى الاشتقاق الأصغر. وللعلماء في وجوده مذاهب ثلاثة :
الأول : مذهب الخليل وسيبويه ومن وافقهما ، وحاصله : أن الكلام بعضه مشتق ، وبعضه غير مشتق.
الثاني : مذهب طائفة من المتأخرين ، وحاصله : أن الكلم كله مشتق وقد نسب هذا المذهب للزجّاج ، وزعم بعضهم أنه كان رأيا لسيبويه.
الثالث : مذهب قوم آخرين ، وحاصله : أنه لا يوجد اشتقاق فالكلم كلّه أصل وليس منه شيء قد اشتق من غيره.
والراجح المذهب الأوّل وعليه الجمهور. وهناك نوع آخر من الاشتقاق يسمى بالاشتقاق الأكبر وهو سماعي ، وهو عقد تقاليب الكلمة كلها على معنى واحد ، نحو ما ذهب إليه أبو الفتح ابن جني ، من عقد تقاليب : القول الستة على معنى الخفة ـ القول ، والقلو ، والوقل ، والولق ، واللوق ، واللقو.
وهناك الاشتقاق الكبير : وهو تقديم بعض حروف الكلمة على بعض وهو ما يعرف بالقلب المكاني نحو :الواحد والحادي ، والوجه والجاه ... وهذا سماعي ـ أيضا ـ.
ينظر في ذلك : النزهة (٧٥ ـ ٧٦) ، والهمع (٢ / ١٢ ـ ١٣) ، والممتع (١ / ٤٠) ، وابن جماعة (١ / ١٩٩) ، والخصائص (٢ / ١٣٣ ـ ١٣٩).