.................................................................................................
______________________________________________________
وكذا هو واقع بينها وبين الهمزة ، وسترى ذلك مفصلا بعون الله تعالى وتوفيقه ، وقد ابتدأ المصنف بذكر إبدال الهمزة من غيرها ، ولا شك أن الهمزة تبدل من الياء ، والواو ، والألف في مواضع ، فتبدل من الواو والياء الواقعين طرفا لفظا أو حكما بعد ألف زائدة ، فالواقع طرفا لفظا نحو : كساء ، ورداء ، ودعاء ، وبناء ، وجراء ، وظباء ؛ الأصل : كساو ، ورداي ، ودعاو ، وبناي ، وجراو ، وظباي جمعا : جرو ، وظبي ، والمراد بالواقع طرفا حكما ما ختم بتاء التأنيث غير لازمة ، وهي التي لم تبن الكلمة عليها وذلك نحو : قولهم في عظاء : عظاءة (١) ، وفي بناء : بناءة ، وفي دعاء : دعاءة ، أما إذا اختتمت الكلمة بتاء تأنيث لازمة وهي التي بنيت الكلمة عليها ؛ فإنه يجب تصحيح الياء والواو ، وذلك نحو : هداية ، وحماية ، وسعاية ، وعلاوة ، وإداوة ، وهراوة (٢) ؛ إذ لم يقع حرف العلة طرفا لا لفظا ولا حكما ، بل لتحصّنه بتاء التأنيث اللازمة صار وسطا ، وإلى ذلك كلّه أشار المصنف بقوله : تبدل الهمزة وجوبا من كل حرف لين يلي ألفا زائدة متطرفا أو متصلا بهاء تأنيث عارضة ، فحرف اللين يشمل : الياء والواو ، واحترز بالألف الزائدة عن الأصلية ، فلا يبدل ما يليها نحو : زاي وواو ؛ لئلا يتوالى إعلالان ؛ لأن الألف منقلبة عن أصل هو عين الكلمة ؛ فلا يجوز إعلال اللام مع إعلال العين ، لما يلزم من توالي إعلالين ، هكذا عللوا ، وقد يقال : إنما يمتنع توالي إعلالين إذا كانا من نوع واحد ، أما إذا اختلف الإعلالان فجائز كما في : ماء ، فإن أصله : موه (٣) فقد أعلت العين واللام ، وكان الواجب أن يقال : ياي ، ولكنهم قالوا : ياء بالإبدال ، وقد تقدم الكلام على هذه ـ
__________________
(١) دويبة. وأما قولهم : عظاءة ، وعباءة ، وصلاءة فقد كان ينبغي لما لحقت الهاء آخرا وجرى الإعراب عليها ، وقويت الياء ببعدها عن الطرف ألّا تهمز ، وألا يقال إلا : عظاية ، وعباية ، وصلاية ، فيقتصر على التصحيح دون الإعلال ، وألا يجوز فيه الأمران كما اقتصر في نهاية ، وغباوة ، وشقاوة ، وسعاية ، ورماية على التصحيح دون الإعلان ، إلا أن الخليل رحمهالله قد علّل ذلك فقال : «إنهم إنما بنوا الواحد على الجمع فلمّا كانوا يقولون : عظاء ، وعباء ، وصلاء ؛ فيلزمهم إعلال الياء لوقوعها طرفا أدخلوا الهاء وقد انقلبت اللام همزة فبقيت اللام معتلة بعد الهاء كما كانت معتلة قبلها». اللسان «عظى» ، وانظر الكتاب (٢ / ١٩٧ ، ٣٨٣ ، ٣٩٤).
(٢) ينظر : شرح الكافية لابن مالك (٤ / ٢٠٨٢).
(٣) والدليل على أن الأصل فيه الهاء قولهم : أماه فلان ركيّته ، وقد ماهت الركية ، وهذه مويهة عربة. انظر : اللسان «موه» ، وحكى ابن جني «أمواء». المنصف (٢ / ١٥١).