.................................................................................................
______________________________________________________
خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً)(١) : إن «ما» من : وما عملت من سوء ، ليست شرطية لارتفاع تود.
وقد أبى الجماعة قبول ذلك منه وقالوا (٢) : إن فعل الشرط إذا كان ماضيا واستفيد الجواب من مضارع بعده جاز رفع ذلك المضارع و [قد] تقدمت شواهد ذلك.
ولا شك أن كلام الزمخشري غير ظاهر ، وقد منع الشيخ كون «ما» المذكورة شرطية من وجه آخر لا لكون «تود» مرفوعا وهو : أن النية بـ «تود» التقديم على مذهب سيبويه ، فيكون دليلا على الجواب لا نفس الجواب قال (٣) : فنقول إذا كان تود منويا به التقديم أدى إلى تقديم المضمر على ظاهره في غير الأبواب المستثناه في العربية ، ألا ترى أن الضمير في قوله : «وبينه» عائد على اسم الشرط الذي هو «ما» فيصير التقدير : تود كل نفس لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ما عملت من سوء ، فيلزم من هذا التقدير تقديم المضمر على الظاهر وذلك لا يجوز ، فإن قلت : لم لا يجوز ذلك والضمير قد تأخر عن اسم الشرط وإن كان الني به التقديم فقد حصل عود الضمير على الاسم الظاهر قبله ، وذلك نظير : ضرب زيد غلامه والفاعل رتبته التقديم ووجب تأخيره لصحة عود الضمير؟الجواب أن اشتمال الدليل على ضمير اسم الشرط يوجب تأخيره عنه لعود الضمير ، فيلزم من ذلك اقتضاء جملة الشرط لجملة الدليل ، وجملة الشرط إنما تقتضي جملة الجزاء لا دليله إذ ليست بعاملة في جملة الدليل ، [بل] إنما تعمل في جملة الجزاء ، وجملة الدليل لا موضع لها ، وحينئذ يتدافع الأمر لأنها من حيث هي دليل لا يقتضيها اسم الشرط ومن حيث عود الضمير على اسم الشرط يقتضيها فتدافعا ، وهذا بخلاف : ضرب زيدا غلامه لأنها جملة واحدة والفعل عامل في الفاعل والمفعول معا ، ولذلك جاز عند بعضهم ، ضرب غلامها هندا لاشتراك الفاعل المضاف للضمير والمفعول الذي عاد عليه الضمير في العامل ، وامتنع : ضرب ـ
__________________
(١) سورة آل عمران : ٣٠.
(٢) انظر التذييل (٦ / ٨٢٣).
(٣) انظر التذييل (٦ / ٨٢٣ ، ٨٢٤) وقد نقله عنه بتصرف.