.................................................................................................
______________________________________________________
قال الشيخ (١) :«وما ذهب إليه الكسائي من جواز الابتداء بعد أداة الشرط قد ذكره سيبويه وجها رديئا ، فذكر (٢) أن الاسم قد يرتفع بعد حرف الشرط بالابتداء إذا كان الخبر فعلا نحو : إن زيد قام أكرمتك ، وسهّل ذلك عنده وجود الفعل في الجملة الشرطية فكأنه لم يعدم الفعل ، قال (٣) : وعلى هذا ينبغي أن يحمل بيت لبيد :
٤٠١٥ ـ فإن أنت لم ينفعك علمك |
|
..... (٤) |
فيكون «أنت» مرفوعا بالابتداء لأنه لو حمله على الفعل بعده للزمه أن يقول فإن إياك لم ينفعك علمك ولا يجوز حمل «أنت» على أنه فاعل بفعل محذوف يفسره قوله : لم ينفعك لأنه يلزم من ذلك تعدي فعل الضمير المرفوع إلى ضميره المتصل المنصوب ، إذ يصير التقدير : فإن لم ينفعك ، أما من لا يجيز الابتداء بعد أداة الشرط فإنه يذهب إلى [أن] «أنت» مرفوع بفعل محذوف يفسره ما بعده من جهة المعنى لا من جهة اللفظ. التقدير : فإن ضللت ، قال : وأجاز السهيلي (٥) أن يكون «أنت» في موضع نصب ، فيكون مما وضع فيه المرفوع موضع المنصوب كما فعل عكس ذلك حين قالوا : لم يضربني إلا إيّاه وفي الحديث الشريف : «من خرج إلى الصّلاة لا ينهزه إلّا إيّاها» (٦) ، فعلى هذا يكون في تخريج البيت ـ أعني بيت لبيد ـ ثلاثة أقوال (٧). ـ
__________________
(١) انظر التذييل (٦ / ٨١١ ، ٨١٢).
(٢) في الكتاب (٣ / ١١٢): «واعلم أن حروف الجزاء يقبح أن تتقدم الأسماء فيها قبل الأفعال» وقال في (ص ١١٣ ، ١١٤): «واعلم أن قولهم في الشعر : إن زيد يأتك يكن كذا ، وإنما ارتفع على فعل هذا تفسيره».
(٣) أي أبو حيان.
(٤) هذا جزء بيت من الطويل وهو للبيد في ديوانه (ص ٢٥٥) وتمامه :
فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب |
|
لعلك تهديك القرون الأوائل |
واستشهد به الشيخ أبو حيان على أن قوله «أنت» مرفوع بالابتداء ، ولا يجوز حمله على الفعل بعده ، كما لا يجوز حمله على أنه فاعل بفعل محذوف يفسره ما بعده ، والبيت في أمالي السهيلي (ص ٤٣) والعيني (١ / ٢٩١) وشرح التصريح (١ / ١٠٥) ، والهمع (١ / ٦٣ ، ٢ / ٥٩ ، ١١٤).
(٥) انظر أمالي السهيلي (ص ٤٢ ، ٤٣).
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالى عنه ـ بلفظ لا ينهزه إلا الصلاة» انظر صحيح البخاري بحاشية السندي (١ / ١٩٩) ، باب فضل صلاة الجماعة (٢ / ١٤).
(٧) إحداها : أن يكون مبتدأ ، والثاني : أن يكون فاعلا بفعل محذوف تقديره : فإن ضللت ، والثالث :أن يكون مفعولا لمحذوف تقديره : فإن إياك لم ينفعك علمك. انظر التذييل (٦ / ٨١٢).