.................................................................................................
______________________________________________________
في شيء يكون الساكن الأول فيه آخر كلمة ، والساكن الثاني أول كلمة أخرى ، وأن العدول عن الكسر إلى غيره من ضم أو فتح إنما يكون لأمر اقتضى ذلك وجوبا أو استحسانا أو مساواة ، والحاصل أن من المواضع ما يجب فيه التزام الأصل ، وهو الكسر وما يجوز فيه مع الكسر غيره ؛ إما جوازا راجحا أو مرجوحا ، وما يجب فيه الضم ، وما يجوز فيه مع الضم غيره ، إما جوازا راجحا أو مرجوحا ، كما سيتضح ذلك عند ذكر الصور مفضلة ، إن شاء الله تعالى. والمصنف في هذا الفصل إنما تعرّض إلى ذكر نون (من) ، ونون (عن) والواو الدالّة على الجمع ، والتي لا دلالة له لكونها جزء كلمة. فأما نون (من) فذكر أنها تفتح مع حرف التعريف وتكسر مع غيره ، ولا شك أن هذا واجب ، وقوله : غالبا لا [٤ / ٥٤] ينفي الوجوب ، وإنما نبّه به على أن النون المذكورة قد تكسر مع حرف التعريف ، وقد تفتح مع غير حرف التعريف ، ولكن ذلك ضعيف ، ولو قال المصنف : ويضعف خلاف ذلك ؛ لكان أولى من قوله : غالبا ، وإنما خففت حرف التعريف لكثرة وقوع من معه ، فقصدوا إلى أخف الحركات ؛ لتخفيف ما كثر ، وإنما أتوا بالكسر على الأصل مع غير حرف التعريف ؛ لأنه لم يكثر ، فلم يستثقلوا فيه الكسرة ، ولمّا كانت نون من تفتح في مثل : خذ من الزيد ، ومن الذي يعطيك ، واللام ليست للتعريف إنما هي زائدة ، احتاج المصنف إلى أن يقول : وشبهه ، وقوله : وربما خففت : يريد به أن النون قد تحذف إذا وليها حرف التعريف ، كقول أبي صخر الهذلي :
٤٢١٢ ـ كأنّهمام الآن لم يتغيّرا |
|
وقد مرّ للدّارين من بعدنا عصر (١) |
وقول الآخر :
٤٢١٣ ـ وكأنّ الخمر المدام من الإس |
|
فنط ممزوجة بماء زلال (٢) |
__________________
(١) من الطويل ، والشاهد فيه ، قوله : «م الآن» ووجه الاستشهاد بهذا أنه أراد «من الآن» فحذف النون لباب التقاء الساكنين. وانظره في الخصائص : (١ / ٣١٠) ، وابن يعيش (٨ / ٣٥) ، والهمع (١ / ٢٠٨) ، (٢ / ١٩٩) ، وأمالي الشجري (١ / ٣٨٦) ، والتذييل (٥ / ٢٤٥) (ب) ، وبقية أشعار الهذليين (ص ٩٣).
(٢) من الخفيف للأعشى ، ويروى : من الإسفنط. ويروى : العتيق بدل المدام.
الإسفنط : من أسماء الخمرة ، فارسي معرّب ، وقيل : روميّ معرب.
زلال : بارد عذب. والشاهد على رواية الشارح : حذف نون (من) ، وفيه شاهد آخر ، وهو وصف