.................................................................................................
______________________________________________________
الساكنين إذا التقيا قد يكونان من كلمة واحدة ، وقد يكونان من كلمتين فإذا كانا من كلمة واحدة لم يكن للمتكلم في الحركة تصرف يعني أن الحركة التي حركت بها العرب ملتزمة ، وهذا القسم الذي أشار إليه المصنف في هذا الفصل ، وإذا كان الساكنان من كلمتين ، وإنما يكون كذلك حيث تكون الكلمة التي تضمنت الساكن الأول موضوعة على السكون ، فيتصرف فيه المتكلم ويحركه بما يؤمر به من كسر أو فتح أو ضم ، وهذا القسم قد أفرده المصنف بالذكر في الفصل الذي ذكره بعد هذا الفصل (١) ، ثم الأصل في ما حرك من الساكنين أن يحرك بالكسر (٢) والتحريك بغير الكسر إنما يكون لأمر اقتضى ذلك وجوبا أو استحسانا أو مساواة ، قالوا : وإنما كان الأصل الكسر ؛ لأن أصل الجزم السكون والجزم في الأفعال عوض عن الجر في الأسماء ، فلما ثبت بينهما تعويض ، واضطر هنا إلى تعويض عن السكون جعل أخوه عوضه على سبيل التقاضي والتعارض (٣) ومن النحاة من قال :يحتمل أن يقال : الفتح الأصل ؛ لأنه أخف الحركات ولا يكون لغيره إلا لوجه آخر قبل ، أو يقال : لا أصل في الالتقاء لحركة ؛ بل يقتضي وجوده التحريك خاصة وتعيّن الحركة يكون لوجوه. ثم ذكر المصنف : أنه يعدل عن الكسر لأمور سبعة :
أحدها : التخفيف ، وذلك كما في : أين وكيف ؛ لأن الساكن الثاني لو حرك بالكسر أدى إلى اجتماع الكسرة والياء وهو موجب للثقل.
ثانيها : الجبر ، وذلك كما في : قبل وبعد ، كأنهما جبرا بذلك لما حذف ما يضافان إليه ، وقد قيل : إنهما لم يبنيا على الفتح ولا على الكسر ؛ لأن كلا من الحركتين يكون لهما حال إعرابها فبنيا على الضم ؛ لتخالف حال البناء حال الإعراب ، فعلى هذا كان المناسب أن يقول المصنف : أو رفع إبهام ، بدل قوله : أو جبرا.
ثالثها : الإتباع وذلك كما في : منذ ، عدل عن الكسر إلى الضمّ لإتباع حركة الذال للحركة التي قبلها. ـ
__________________
(١) ينظر : التسهيل (ص ٢٥٩ ، ٢٦٠).
(٢) قال الرضي (٢ / ٢١١): (إذا خليت نفسك وسجيتها وجدت منها أنها لا تلتجئ في النطق بالساكن الثاني المستحيل مجيئه بعد الساكن الأول من بين الحركات إلا إلى الكسرة ...).
(٣) وقيل : إنما كسر أول الساكنين وقت الاحتياج إلى تحريكه ؛ لأنه لم يقع إلا في آخر الكلمة فاستحب أن يحرك بحركة لا تلتبس بالحركة الإعرابية ، فكان الكسر أولى ؛ لأنه لا يكون إعراب إلا مع تنوين بعده ، أو ما يقوم مقامها من لام وإضافة فإذا لم يوجد بعده تنوين ، ولا قائم مقامها ، علم أنه ليس بإعراب.