.................................................................................................
______________________________________________________
وقال الله تعالى : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ)(١) ، وقال الله تعالى : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً)(٢).
وأما «حيثما» فلا تكون إلا شرطا ، وكانت قبل دخول «ما» اسم مكان خاليا من معنى الشرط ملازما للتخصيص بالإضافة إلى جملة ، ولا تعمل في الأفعال ، ثم أخرجوها إلى الجزاء فضمنوها معنى «إن» وجعلوها اسم شرط فلزمهم إتمامها وحذف ما تضاف إليه ، وألزموها «ما» تنبيها على إبطال مذهبها الأول وجزموا بها الفعل كقول الشاعر :
٣٩٨١ـ حيثما تستقم يقدّر لك اللّ |
|
ه نجاحا في غابر الأزمان (٣) |
ولا يجوز أن تكون منقولة كـ «إذما» إلى الحرفية ؛ لأنها لم تزل عما كانت عليه قبل من الدلالة على المكان بخلاف «إذما» فإنها كانت قبل دخول «ما» عليها اسم زمان ماض خاليا من معنى الشرط ، فلما دخلت عليها «ما» صارت أداة شرط بمعنى «إن» مختصة بالمستقبل ، وزال ما كان فيها من معنى الاسم ، ولم يعلم نقلها إلى معنى آخر غير الشرط فحكمنا بحرفيتها ، لأن دلالتها على معنى الحرف متيقّنة ، ودلالتها على معنى الاسم مشكوك فيها ، والحكم بمقتضى ما تيقّن أولى.
الضرب الخامس : «أيّ» وهي لتعميم أوصاف الشيء ، والأوصاف مشتركة.
فلذلك يلزم في «أي» أن تضاف لفظا أو معنى إلى الموصوف على حد قولهم :سحق عمامة رفعا ، لالتباس عموم الأوصاف بجنس لعمومها لغيره فتكون بحسب ـ
__________________
ـ الشرح : قوله : تضرب بنا أي : إلينا ، والعداة بضم العين جمع : عاد ، والعيس الإبل البيض والمفرد : أعيس وعيساء ، كانوا يرحلون على الإبل فإذا لقوا العدو قاتلوا على الخيل ، ولم يرد أنهم يلقون العدو على الإبل. يقول : إن تضرب بنا العداة في موضع من الأرض نصرف العيس نحو هؤلاء العداة للقائهم ، والشاهد فيه المجاز بـ «أين» وجزم ما بعدها ـ والبيت في الكتاب (٣ / ٥٨) ، والمقتضب (٢ / ٤٧) ، وابن يعيش (٤ / ١٠٥) ، (٧ / ٤٥) ، والأشموني (٤ / ١٠).
(١) سورة النساء : ٧٨.
(٢) سورة البقرة : ١٤٨.
(٣) هذا البيت من الخفيف وهو لقائل مجهول ، والنجاح : الفوز ، والغابر : الباقي والماضي أيضا من الأضداد والمراد هو الأول. والشاهد فيه : المجازاة بـ «حيثما» وجزم ما بعدها. وانظر البيت في المغني (ص ١٣٣) ، وشرح شواهده (ص ٣٩١) ، وشرح شذور الذهب (ص ٣٣٧) ، والعيني (٤ / ٤٢٦) ، والأشموني (٤ / ١١) ، وحاشية يس على شرح التصريح (٢ / ٣٩).