.................................................................................................
______________________________________________________
فـ «الهاء» في «كفاه» عائدة إلى «مهما» فهي اسم ولكنها في معنى «إن» فلذلك تجزم الفعل كقوله تعالى : (وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ)(١) ، وعند الخليل (٢) أن أصلها ، ما فدخلت عليها «ما» الزائدة كما تدخل على «إن» و «متى» و «أين» و «أيّ» ثم كرهوا التكرير ، وأن يقولوا : ماما ، فأبدلوا «الهاء» من «الألف» ، وقال سيبويه (٣) : وقد يجوز أن تكون «مه» كـ «إذ» ضمّ إليها «ما» وإليه ذهب الزجاج (٤) ، وندر مجيء «مهما» اسم استفهام كقول الراجز (٥) أنشده أبو علي (٦) :
٣٩٧١ ـ مهما لي اللّيلة مهما ليه |
|
أودى بنعليّ وسرباليه (٧) |
أراد : ما لي الليلة؟ استفهاما على طريق التعجب ، وزعم الشيخ (٨) رحمهالله تعالى أن «ما» و «مهما» في الشرط قد يردان ظرفي زمان فقال (٩) : جميع النحويين يجعلون «ما» و «مهما» مثل «من» في لزوم التجرد عن الظرفية مع أن استعمالهما ظرفين ثابت في أشعار الفصحاء من العرب ، وأنشد قول الشاعر :
٣٩٧٢ ـ فما تك يا ابن عبد الله فينا |
|
فلا ظلما نخاف ولا افتقارا (١٠) |
__________________
(١) سورة الأعراف : ١٣٢.
(٢) انظر : الكتاب (٣ / ٥٩ ، ٦٠).
(٣) انظر : الكتاب (٣ / ٦٠).
(٤) حكى الزجاج في معاني القرآن وإعرابه (١ / ٤٠٨) القولين ـ أي قول الخليل وقول سيبويه ـ ولكنه سار على مذهب الخليل ، وهذا عكس ما ذكره الإمام بدر الدين هنا ومثله صنع الرضي في شرح الكافية (٢ / ٢٥٣) وانظر شرح الألفية للأبناسي (٢ / ٣١١).
(٥) هو عمرو بن ملقط الطائي شاعر جاهلي. انظر شرح شواهد المغني (ص ٣٣٠).
(٦) ذكر البغدادي في الخزانة (٣ / ٦٣١) أن أبا علي الفارسي أنشده في التذكرة.
(٧) هذا البيت من السريع.
الشرح : أودى : هلك ، والسربال : القميص ، وقيل : الدرع ، وقيل : كل ما ليس على البدن والبيت شاهد على أن «مهما» فيه اسم استفهام ، قال ابن هشام في المغني (ص ٣٣٢) : ولا دليل في البيت لاحتمال أن التقدير : من اسم فعل بمعنى : اكفف ثم استأنف استفهاما بما وحدها وانظر البيت في ابن يعيش (٧ / ٤٤) وشرح الكافية للرضي (٢ / ٢٥٣) والمغني (ص ١٠٨ ، ٣٣٢) وشرح شواهده (ص ٣٣٠ ، ٧٤٤) ، والخزانة (٣ / ٦٣١).
(٨) يعني والده المصنف.
(٩) انظر : شرح الكافية الشافية (٣ / ١٦٢٥ ـ ١٦٢٧).
(١٠) هذا البيت من الوافر وهو للفرزدق في ديوانه (١ / ١٩٣) واستشهد به ابن مالك على أن «ما» في قوله : «فما تك» ظرفية ، وجعلها الإمام بدر الدين مصدرية ، وقد وافقه ابن هشام في المغني (ص ٣٠٣) ، وانظر البيت فيه وفي شرح شواهده (ص ٧١٥).