.................................................................................................
______________________________________________________
بعضهم (١) : ذهب مع منين ، لمن قال : ذهب معهم ، وستأتي إشارة المصنف إلى هذه المسألة ، وذلك في غاية الندور ، قال الزجاجي : لو قال : رأيته أو مررت به ، لقلت : من هو ، ولم يجز غير ذلك وقال سيبويه (٢) : حكاية مثل هذا من الأسماء المضمرة جائز على مذهب من قال : دعنا من تمرتان ، وهو قبيح شاذ جدّا ليس مما يعوّل عليه.
وأما قوله : غير المتيقّن نفي الاشتراك فيه ، فاحترز به من العلم الذي يتيقن نفي الاشتراك فيه فإنه لا يحكى ، فلا يقال : من الفرزدق لمن قال : رأيت الفرزدق ، لأنه اسم يتيقّن نفي الاشتراك [٥ / ٢١٠] فيه (٣).
وشمل قول المصنف : العلم ـ أقسامه الثلاثة التي هي : الاسم واللقب والكنية ، والسبب في أن العرب قصروا حكاية المعرفة على العلم ، وأنه لا يحكى إلا بـ «من» خاصة ـ ثلاثة أمور :
أحدها : أن «من» اسم مبني فلا يظهر فيه قبح الحكاية لعدم ظهور الرفع ، ولا يصح أن يجيء الخبر على صورة المنصوب والمجرور.
ثانيها : أن الأعلام بابها التغيير ؛ لأنها كلها منقولة إلا اليسير منها ، فلذلك كثرت الشذوذات فيها إذ التغيير يأنس بالتغيير.
ثالثها : خوف اللبس ، لأنه إذا قال القائل : رأيت زيدا ولم تحك لفظه في الاستثبات وقلت : من زيد يتوهم السامع أنك لا تسأله عن زيد الذي ذكره ، ومن ثمّ كان شرط الحكاية أن لا يدخل على «من» حرف عطف لزوال اللبس بدخول حرف العطف ، لأنه قد علم أن المسؤول عنه إنما هو الأول ، ولو لا ذلك لم يسغ عطف كلامك على الكلام المتقدم. ذكر ذلك أبو الحسن بن عصفور (٤) ثم قال (٥) : «فلما اجتمعت هذه الأشياء لم يكن بدّ من الحكاية عند أهل ـ
__________________
(١) انظر الكتاب (٢ / ٤١٢) (هارون).
(٢) انظر الكتاب (٢ / ٤١٢) (هارون) وهو مفهوم عبارة سيبويه.
(٣) انظر الأشموني (٤ / ٩٢).
(٤) انظر شرح الجمل (٢ / ٤٦٥) وقد نقله عنه بتصرف.
(٥) المرجع السابق.