......
______________________________________________________
وجوب لوجوب لا يحفظ دخولها على مضارع ، وهو إنما يذكر عوامل الجزم. انتهى.
وأقول : إنه قد تقدم الكلام في ذلك في أول الكتاب عند الكلام على قوله «ولما الجازمة» وربما أشير هناك إلى الاعتذار عن المصنف.
منها : أنك قد عرفت أن «لم» انفردت عن «لما» بجواز مصاحبتها أدوات الشرط ، وعرفت التعليل الذي ذكره «بدر الدين» وقد ذكروا لذلك علة أخرى وهي «إن لم تفعل» نفي «فعل» ، فكما أنّ «فعل» تدخل [٥ / ١٤٧] عليه أدوات الشرط فكذلك نفيه.
وأما «لما» فإنها نفي «قد فعل» ، و «قد فعل» لا تدخل عليه أدوات الشرط لا يقال : «إن قد قام زيد» كذلك لا يقال : «إن لما يقم زيد» ، قالوا : وإنما لم تدخل «إن» على «قد فعل» لأن «إن» تخلص الماضي إلى الاستقبال ، وقد تقربه من الحال ، فتعارضا. ثم لا يخفى أنّ «لا» النافية تجوز مصاحبتها لأدوات الشرط كما صحبتها «لم» ، كقولك : إن لا تفعل أفعل. قال الله تعالى : (إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ)(١) ، وقال تعالى : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ)(٢) ولا يتوهم أن «لا» المصاحبة لأدوات الشرط ناهية ؛ لأن النهي طلب ، والشرط خبر ، فلا يجتمعان.
ونقل الشيخ عن بعضهم أنه يزعم أنها النافية ، وإن عملها بطل وصار التأثير لأداة الشرط ، وذلك بخلاف «لم» فإن التأثير لها لا لأداة الشرط ، قالوا : لأن أداة الشرط لم تلزم العمل ، في كل ما تدخل عليه ، إذ تدخل على الماضي فلم يكن لها اختصاص بالمضارع ، فضعفت فحيث دخل عامل مختص كان الحكم له. انتهى (٣).
ولم يظهر لي ما ذكروه ؛ لأن مقتضاه أن أداة الشرط المقرونة بـ «لم» طالبة للفعل الذي هو مدخول «لم» وليس كذلك ، إنما الأداة طالبة للواقع بعدها وهو نفي الفعل ، فالمشروط في نحو قولنا : إن لم يقم زيد قام عمرو ، هو نفي قيام زيد ، فـ «لم» عاملة في لفظ الفعل الذي هو «يقم» ، وأداة الشرط عاملة في محل «لم يقم» ، وليس لها طلب للفعل بحال ، وإذا كان كذلك فلا حاجة إلى الاعتذار عن عدم عمل أداة الشرط في الفعل بأن أداة الشرط لم تلزم العمل في كل ما تدخل عليه ؛ إذ تدخل ـ
__________________
(١) سورة الأنفال : ٧٣.
(٢) سورة التوبة : ٤٠.
(٣) انظر : التذييل والتكميل (٦ / ٧٧١).