......
______________________________________________________
المجاز والتوسع ، هكذا ذكر الشيخ (١) ، ولا يخفى ما فيه.
وقد تعرّض أيضا هنا لذكر مسألة مشهورة لا تعلق لها بمسائل الفصل الذي نحن فيه إلا على بعد فأحييت ذكرها لما فيها من الفائدة قال (٢) رحمهالله تعالى : «وقد يتجوز بالنهي عن الفعل [٥ / ١٤٦] المقصود به في الحقيقة ـ أي بالنهي ـ إلى ما يلزمه كقولهم : لا أرينّك ها هنا (٣) ، ولا يرينّك زيد هاهنا ، لا يريد المتكلم بذلك نهي نفسه ولا نهي الغائب عن الرؤية وإنما يريد : لا تحضر فأراك أو يراك زيد ؛ فنهى عن المسبب وليس مقصودا ، قال : وقريب من هذا قوله تعالى : (فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(٤) لم ينههم عن الموت بغير الإسلام ؛ لأنه ليس لهم ، وإنما معناه : لا تكفروا فتموتوا غير مسلمين ، وقوله تعالى : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ)(٥) أي : لا تمتنعوا.
هذا ما يتعلق بالحرفين الأولين وهما : «اللام» و «لا» ، وأما الحرفان الآخران وهما :«لم» و «لمّا» النافية فقال المصنف في شرح الكافية (٦) : إذ قلت : لم يكن جاز أن تريد انتفاء غير محدود كقوله تعالى : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ)(٧) ، وانتفاء محدودا متصلا بالحال كقوله تعالى : (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا)(٨) ، وكقول سيبويه (٩) : ولما هو كائن لم ينقطع ، وانتفاء منقطعا كقوله تعالى :(هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً)(١٠) ، وكقول الراجز (١١) :
٣٩٥٢ ـ وكنت إذ كنت إلهي وحدكا |
|
لم يك شيء يا إلهي قبلكا (١٢) |
__________________
(١) انظر : التذييل (٦ / ٧٦٥ ـ ٧٦٦).
(٢) انظر : التذييل (٦ / ٧٦٦ ـ ٧٦٧).
(٣) انظر : الكتاب (٣ / ١٠١).
(٤) سورة البقرة : ١٣٢.
(٥) سورة المائدة : ٢ ، ٨.
(٦) انظر : شرح الكافية الشافية (٣ / ١٥٧٢ ـ ١٥٧٤).
(٧) سورة الإخلاص : ٣ ، ٤.
(٨) سورة مريم : ٤.
(٩) في الكتاب (٤ / ٢٢٠) «ولم ، وهي نفي لقوله فعل».
(١٠) سورة الإنسان : ١.
(١١) وهو لعبد الله بن عبد الأعلى القرشي كما في الكتاب (٢ / ٢١٠).
(١٢) هذا رجز استشهد به ابن مالك على أن «لم» ترد للنفي المنقطع. قال ابن هشام في المغني (ص ٢٧٩) :«وذلك وهم فاحش» ، وفي الرجز شاهدان آخران : أحدهما : استشهد به سيبويه على إثبات الياء في