.................................................................................................
______________________________________________________
هو الأخفش ، وكنت أفهم عنه أن المعمول به في هذه المسألة خلاف [٥ / ١٧٧] ذلك ، وها أنت قد رأيت الشيخ أيضا إنما ذكر ذلك عن الأخفش خاصة (١) ، ويدل على أن الأصح خلاف قول الأخفش الأبيات التي أنشدها ، وأما قوله : إنها تؤول ، فالخصم لا يسلم ذلك ، وقد قال الله تعالى : (وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ)(٢) وقال تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى)(٣) فالجواب في هاتين الآيتين الشريفتين لم يكن فيه ضمير يعود على اسم الشرط ، وليس ارتباط الجزاء بالشرط مفتقرا إلى ضمير ، لأن الارتباط يحصل بالتعليق وبالعمل أيضا.
ومنها : أن جواب الشرط كخبر المبتدأ فلا بد من تغايرهما لتحصل الفائدة ، ولهذا كان المعنى في قوله صلىاللهعليهوسلم : «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله» (٤) : فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله نيّة وقصدا كانت هجرته إلى الله ورسوله حكما وشرعا ، وقد يحمل الكلام على معنى يكون ذلك المعنى مسوغا للاتخاذ ظاهرا كقول القائل : إن لم تطعني فقد عصيتني ، فإنه أراد بذلك التنبيه على العقوبة كأنه قال : إن لم تعطني فقد وجب عليك ما وجب على العاصي.
ونقل الشيخ (٥) عن صاحب كتاب «الإعراب» (٦) أنه قال (٧) في قوله تعالى :(وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ)(٨) : نبّه تعالى بأنه [ما] بلغ على الوعيد اللاحق ، فكأنه قال : فلست تعدم الجزاء على ذلك ، قال : وهذا من باب التلطّف في الإخبار بالوعيد لمن كان عند الآمر بمنزلة ، قال : ويحتمل أن يريد تعالى : وإن لم تفعل لخوف أحد فلا تسقط عنك المطالبة ، بل أنت غير مبلغ ومراده : قطع العذر ـ
__________________
(١) هذا يدل على أن الأخفش قد انفرد باشتراط عود الضمير من الجزاء الى اسم الشرط ، وقد بحثت فلم أجد من يعزو إليه هذا سوى الشيخ أبي حيان ، وما نقله المؤلف عن شيخه برهان الدين الرشيدي.
(٢) سورة الأعراف : ١٣٢.
(٣) سورة الإسراء : ١١٠.
(٤) رواه البخاري في كتاب «الإيمان» (١ / ٢٠) وفي كتاب «النكاح» (٣ / ٢٣٨) حاشية السندي.
(٥) انظر التذييل (٦ / ٩٢٣ ، ٩٢٤).
(٦) يقصد أبا البقاء العكبري وقد أشار إلى ذلك السيوطي في بغية الوعاة (٢ / ٣٨).
(٧) ليس في التبيان ولا في اللباب.
(٨) سورة المائدة : ٦٧.