[اختصاص أدوات الشرط بالمستقبل]
قال ابن مالك : (ولا يكون الشّرط غير مستقبل المعنى بلفظ «كان» أو غيرها إلّا مؤوّلا ، وقد يكون الجواب ماضي اللّفظ والمعنى مقرونا بالفاء مع «قد» ظاهرة أو مقدّرة ، ولا ترد إن بمعنى «إذ» خلافا للكوفيين).
______________________________________________________
قال ناظر الجيش : قال الإمام بدر الدين (١) : «إن الشرطية وأخواتها مختصة بالمستقبل ، فلا يكون شرطها ولا جزاؤه بمعنى الماضي ، ولا بمعنى الحال ، وما أوهم ذلك أوّل ، فإذا جاء [في موضع الشرط أو الجزاء ما هو حال أو ماض بلفظ «كان» أو غيرها ، حمل على أنه متعلق بفعل مستقبل هو] الشرط أو الجزاء في الحقيقة ولكنه حذف اختصارا واستغناء عنه بانصباب الكلام إلى معناه ، وذلك قولك : إن أحسنت إلى أمس فقد أحسنت إليك اليوم ، والمعنى : إن تبين إحسانك أمس تبيّن إحساني اليوم ، وذهب أبو العباس المبرد (٢) إلى أنه يجوز بلا تأويل كون الشرط ماضي المعنى بلفظ «كان» دون غيرها ، فإنه قال : وما يسأل عنه في هذا الباب قولك : إن كنت زرتني أمس أكرمتك اليوم ، فقد صار ما بعد «إن» يقع في معنى الماضى ، قيل للسائل : ليس ذا من قبل «إن» ولكن لقوة «كان» وأنها أصل الأفعال وعبارتها جاز أن تغلب «إن» فتقول : إن كنت أعطيتني فسوف أكافئك ، فلا يكون ذلك إلا ماضيا ، وقال تعالى : (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ)(٣) ، والدليل على أنه كما قلت وأن هذا لقوة «كان» أنه ليس من الأفعال ما يقع بعد «إن» غير [كان] إلا ومعناه الاستقبال ، لا تقول : إن جئتني أمس أكرمتك اليوم ، ولم يصوّب ما ذهب إليه المبرد في هذه المسألة ، وقد ردّه عليه ابن السراج فقال (٤) : وهذا الذي قاله أبو العباس لست أقوله ، ولا يجوز أن يكون إن تخلو من الفعل المستقبل لأن هذا نقض الكلام وما وضعت له ، قال : والتأويل عندي في قولهم : إن كنت زرتني أمس أكرمتك اليوم أي : إن تكن [كنت] ممن زارني أمس أكرمتك اليوم ، فدلّت : كنت على : تكن وكذلك قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ) ـ
__________________
(١) انظر شرح التسهيل لبدر الدين (٤ / ٩٢).
(٢) بحثت في المقتضب فلم أعثر على شيء من هذا ، وانظر التذييل (٦ / ٩٠٧).
(٣) سورة المائدة : ١١٦.
(٤) انظر أصول النحو (٢ / ١٦١) وقد نقله عنه بتصرف.