.................................................................................................
______________________________________________________
ومنها : أن الشيخ جعل العطف في نحو : لألزمنك أو تقضيني ديني ، ولأقتلن الكافر أو يسلم عطفا على التوهم ، فإنه لما قرر المسألة قال (١) : ونظير العطف على التوهم ـ يعني في المسألة المذكورة ـ قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ)(٢) ثم قال تعالى بعد ذلك : (أَوْ كَالَّذِي)(٣) ؛ لأن معنى ذلك : أرأيت كالذي حاجّ إبراهيم؟
قال : ومنه قول الشاعر :
٣٨٤١ ـ أجدّك لن ترى بثعيلبات |
ولا بيدان ناجية ذمولا |
|
ولا متدارك واللّيل طفل |
ببعض نواشغ الوادي حمولا (٤) |
قال : فقوله : «ولا متدارك» عطف على معنى : لن ترى بثعيلبات ، كأنه قال :
أجدك لست براء ولا متدارك. انتهى.
فاقتضى كلامه صريحا أن لا فرق بين العطفين ، فالعطف على التوهم هو العطف على المعنى عنده ، وكذا عنده العطف على المعنى هو العطف على التوهم ، وأن العطف في نحو : لأقتلن الكافر أو يسلم ؛ من العطف على التوهم الذي هو عنده عطف على المعنى ، وكلام الأمرين فيه نظر وبحث :
أما العطف على التوهم والعطف على المعنى فالظاهر أنهما غيران ؛ وذلك أن العطف على التوهم ليس فيه إلا أن يتوهم أن المعطوف عليه على حالة يصح اتصافه بها دون تأويل في الكلام كما في قول القائل :
٣٨٤٢ ـ مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة |
ولا ناعب إلّا ببين غرابها (٥) |
__________________
(١) انظر : التذييل (٦ / ٥٩٩).
(٢) سورة البقرة : ٢٥٨.
(٣) سورة البقرة : ٢٥٩.
(٤) هذان البيتان من الوافر وهما للمرار بن سعيد الأسدي. الشرح : ثعيلبات وبيدان موضعان ، والناجية : الناقة السريعة ، وذمولا : الذمول : ضرب من سير الإبل وهو السير السريع اللين ، ونواشغ الوادي : أعاليه ، والحمول : الهوادج.
والشاهد فيه : عطف «ولا متدارك» على معنى «لن ترى بثعيلبات» والبيتان في معاني القرآن (١ / ١٧١) ، والخصائص (١ / ٣٨٨) والخزانة (١ / ٢٦٢).
(٥) هذا البيت من الطويل وهو للأحوص الرياحي ، وقيل : الفرزدق وبحثت في ديوانه فلم أجده وقد أنشده سيبويه في الكتاب ثلاث مرات ، نسبه في واحدة (٣ / ٢٩) للفرزدق ، ونسبه في المرتين الأخريين