.................................................................................................
______________________________________________________
حروف الحلق الألف (١) وهي مجانسة للفتحة فناسب ذلك أن يحرّك بها ما هو والألف من مخرج واحد ، أو يحرّك بها متلوّ ما هو كذلك.
فالأول : كسأل يسأل ، وذهب يذهب ، والثاني : كجبه يجبه (٢) ، وسمح يسمح ، فحصل لـ «فعل» نصيب من التوافق لكن بالسبب المذكور (٣) ، فإن لّم يوجد السبب امتنع التوافق إلا في ما شذّ من قولهم : «أبى يأبى» (٤) و «وذر يذر» (٥) و [أمّا] ما ألحق بـ «أبى يأبى» كـ «حيا يحيا» و «قلى يقلى» فموجّه (٦) بأن الأصل : «يحيي» و «يقلي» ـ بكسر الياء واللام ـ ففتحتا ـ
__________________
الحروف فقال : «وإنما فتحوا هذه الحروف لأنها سفلت في الحلق فكرهوا أن يتناولوا حركة ما قبلها بحركة ما ارتفع من الحروف ، فجعلوا حركتها من الحرف الذي في حيّزها وهو الألف ، وإنما الحركات من الألف والياء والواو». الكتاب (٢ / ٢٥٢) وانظر المقتضب (٢ / ١١١) ، وابن يعيش (٧ / ١٥٣ ، ١٥٤).
(١) يرى ابن مالك أن الألف من حروف الحلق وهو رأي سيبويه ، قال في الكتاب (٤ / ٤٣٣) : «فللحلق منها ثلاثة ، فأقصاها مخرجا : الهمزة والهاء والألف» وقال به الرضي في شرح الشافية (١ / ١١٩) ويرى ابن يعيش (٧ / ١٥٣) أن الألف قريبة من حروف الحلق ، وهو الأقرب إلى الصواب.
(٢) جبه الرّجل يجبهه جبها : ردّه عن حاجته واستقبله بما يكره. اللسان (جبه).
(٣) وهو كون العين أو اللام حرف حلق.
(٤) وجه الشذوذ في هذا المثال كما يرى ابن مالك وغيره : أن عين المضارع ليست من حروف الحلق وإنما جاءت فاؤه حرفا من حروف الحلق ، وإذا كان الحلق فاء لم يلزم الفتح في المضارع لسكون حرف الحلق فيه والساكن لا يوجب فتح ما بعده لضعفه بالسكون ، وقد شبه سيبويه أبى يأبى بقرأ يقرأ. قال في الكتاب (٢ / ٢٥٤): «وقالوا أبى يأبى فشبهوه بيقرأ» وقال السيرافي في شرح ذلك : «يدل كلام سيبويه على أنه ذهب في أبى يأبى إلى أنهم فتحوا من أجل تشبيه ما الهمزة فيه أولى بما الهمزة فيه أخيرة».
السيرافي بهامش الكتاب (٢ / ٢٥٤) ، وقد نقل أبو حيان في التذييل والتكميل (٦ / ٢٢) (رسالة) أن ابن سيده حكى في المحكم «أن ما قالوا في ماضيه أبي فيأبى على لغتهم جار على القياس كنسي ينسى» وانظر المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده (خ) (ص ٨٤٢ ، ٨٤٣) ، وقال ابن جني : «وقد قالوا : أبى يأبي. أنشد أبو زيد :
يا إبلي ما ذامه فتأبيه |
ماء رواء ونصيّ حوليه |
اللسان (أبي) ، ومن كلام ابن سيده وابن جني يفهم أن أبى يأبى من تداخل اللغات وهو ما أميل إليه ، وانظر المقتضب (٢ / ١١٢) وابن يعيش (٧ / ١٥٤) وشرح الشافية (١ / ١١٩) والتذييل (٦ / ٢٤) (رسالة) واللسان (أبي) وحاشية الصبان (٤ / ٢٤٠ : ٢٤١).
(٥) سيأتي أنه محمول على يدع لأنه بمعناه وانظر شرح الشافية (١ / ١٣١).
(٦) في الكتاب (٤ / ١٠٥) قال سيبويه : «وقالوا : جبى يجبى وقلى يقلى فشبهوه بقرأ يقرأ ونحوه»