.................................................................................................
______________________________________________________
«حسبك خيرا لك» (١) و «وراءك أوسع لك» (٢) وقوله تعالى : (فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ)(٣) و (انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ)(٤) قال سيبويه (٥) : وحذفوا الفعل لكثرة استعمالهم إيّاه في الكلام ولعلم المخاطب أنه محمول على أمر حين قال : ائته فصار بدلا من قوله : ائت خيرا ، قال : ونظير ذلك من الكلام قولهم : ائته أمرا قاصدا كأنه قال : ائته وائت أمرا قاصدا إلا أن هذا يجوز لك فيه إظهار الفعل» يعني أن قول من قال : ائته أمرا قاصدا ليس مثل : ائته خيرا لك في كثرة الاستعمال فيلزم إضمار الفعل فيه كما لزم إضمار الفعل في ذلك ، وقد غفل الزمخشريّ عن كلام سيبويه فجعل (٦)(انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ) و «انته أمرا قاصدا» «سواء» انتهى ، وتبع الزمخشريّ في ذلك الجزوليّ ، قال الأستاذ أبو علي مشيرا إلى الجزوليّ : ذكر هذه اللفظة في جملة ما انتصب على إضمار فعل لا يظهر ، غلط منه تقدّمه إليه الزمخشريّ ، وأظنّه الذي غلّط أبا موسى ، لا أعرف من غلط فيه غيرهما ، وليس كما قالاه ، والذي غلّطهما أن سيبويه ذكر (٧) هذه اللفظة في هذا الباب ليمثل بها في وجه آخر غير التزام الإضمار لا في التزام الإضمار.
وأما قوله ـ أعني المصنف : «وربّما قيل : كلاهما وتمرا إلى آخره» فواضح (٨) ، واستفيد من قوله «وربّما» أن الرفع قليل في ما ذكره ، قال الشيخ (٩) : «وقد جاء في بعض المنصوبات المذكورة في هذا الفصل الرفع (١٠) في غير هذه ـ
__________________
(١) انظر الكتاب (١ / ٢٨٢).
(٢) هذا مثل وليس جاريا مجرى المثل. انظر مجمع الأمثال (٣ / ٤٣٩).
(٣) سورة النساء : ١٧٠.
(٤) سورة النساء : ١٧١.
(٥) الكتاب (١ / ٢٨٣ ، ٢٨٤).
(٦) انظر المفصل (ص ٤٩).
(٧) انظر الكتاب (١ / ٢٨٤).
(٨) قال سيبويه في الكتاب (١ / ٢٨١): «ومن العرب من يقول : كلاهما وتمرا ، كأنه قال : كلاهما لي ثابتان وزدني تمرا». وقال الفراء : «وكلاهما منصوب على لغة من يجعل كلا بالألف في كل حال» انظر المساعد (خ) ورقة (٢٢٠ / ب).
(٩) التذييل (خ) ورقة (٢٤٦ / ب) وقد نقله المؤلف بتصرف.
(١٠) قال سيبويه في الكتاب (١ / ٢٩٥): «ومنهم من يرفع فيجعل ما يضمره هو ما أظهر».