.................................................................................................
______________________________________________________
«لا» [الدالة] على النهي لا من الأمر بإتيان كلّ شيء.
ومنها : تمثيله لما تضّمن معناه وضعا بقولهم : «امرأ ونفسه» ذاهبا إلى أنه قد اتصل بقوله «امرأ» قوله «ونفسه» قال : «وامرؤ يتضمّن النّفس إلى آخر كلامه» فإنه كلام عجيب لأن كلام المصنف إنما هو في العامل ؛ إذ مراده أن العامل في المعطوف عليه يتضمّن معنى العامل [في المعطوف] وضعا ، [وامرأ] معمول لا عامل ، وكأن الشيخ جعل الضميرين في «يتضمن» وفي «معناه» راجعين إلى الاسمين المعطوف أحدهما على الآخر ، حيث جعل الاسم الأول متضمنا معنى الاسم الثاني ، وهذا في غاية الفساد ؛ لأن الكلام إنما هو في العامل ، ودليله أن الذي ذكره المصنف أربع مسائل : فالأولى والثالثة قد صرح فيهما بذكر العامل ، والرابعة ذكر فيها ما ناب عن العامل ، فتعيّن أن تكون الثانية مرادا بها ما أريد بأخواتها ، ثم إن كون الاسم الأول يتضمّن الاسم الثاني لا أثر له في ما الكلام الآن فيه.
ومنها : تمثيله لما هو في المعنى مشارك لما قبله في العامل بقولهم : «الكلاب على البقر» قائلا : إنّ الناصب للكلاب هو الذي يتعلّق به الجار والمجرور الذي هو «على البقر» ، وما قاله لا يظهر ؛ لأن «على البقر» من مطلوب «أرسل» الناصب لـ «الكلاب» (١) لا يتم المقصود من المعنى المراد إلّا به ، ولا يقال في مثل هذا : إنه مشارك لما قبله في العامل ، بل يقال : إنه من تتمّة ما يطلبه العامل.
وأما قوله بعد ذلك : وكذا إن تأتني فأهل اللّيل وأهل النّهار ... إلى آخر كلامه ، وقوله «فقد اشتركا في العامل من حيث المعنى لا لفظا إذ لم يلفظ بالعامل» ففي غاية البعد بل هو فاسد ؛ لأن العامل المقدّر في حكم الملفوظ ، وإذا كان كذلك فالمعمولان مشتركان فيه لفظا ، ثم إن «وأهل النّهار» إنما هو معطوف على «أهل اللّيل» [٥ / ٢] فهو معمول للعامل في المعطوف عليه ، وإذا كان العامل واحدا فهو مشارك في اللفظ لما قبله في عامله فكيف يمثل به لما هو مشارك في المعنى؟ لأن مفهوم قولنا : مشارك في المعنى أنه لا مشاركة له في اللفظ ، والغرض أن الثاني في المثال المذكور مشارك للأول في العامل مشاركة لفظية. ـ
__________________
(١) انظر مجمع الأمثال (٣ / ٢٢) ، والهمع (١ / ١٦٨).