.................................................................................................
______________________________________________________
قولهم : «امرأ ونفسه» (١) فقد اتصل بقوله «امرأ» قوله «ونفسه» وامرؤ متضمّن النفس ، لأن المرء هو الرجل بدنا ، ونفسا ، فدلالته عليها بالمطابقة ، فدلالته على أحدهما بالتّضمّن إذ أحدهما جزء المسمى. ومثال ما هو في المعنى مشارك لما قبله في العامل قوله : «الكلاب على البقر» (٢) فقد اتصل بقوله «الكلاب» قوله «على البقر» والناصب لـ «الكلاب» هو الذي يتعلّق به الجارّ والمجرور الذي هو «على البقر» فقد اشتركا من حيث المعنى في [العامل] ، وكذلك إن تأتني فأهل اللّيل وأهل النّهار (٣) اتصل بقوله «فأهل اللّيل» قوله «وأهل النّهار» وكلاهما منصوب بتقدير «فتجد» قال : فقد اشتركا في العامل من حيث المعنى لا لفظا إذ لم يلفظ بالعامل ، ومثال المشاركة في ما ناب عن العامل لا في العامل قولهم «مرحبا» و «أهلا» (٤) فقد اتصل بقوله «مرحبا» قوله «وأهلا» وعلى تقدير سيبويه لم يشتركا في العامل لكنهما اشتركا في ما ناب عن العامل إذ قدّر سيبويه «مرحبا» بقوله : رحبت بلادك فـ «مرحبا» ناب عن «رحبت» وقدّر سيبويه «وأهلا» بقوله : وأهلّت ، فالناصب لقوله «وأهلا» هو قوله : وأهلّت [إذ] أناب «أهلا» عنه فقد اشترك «مرحبا» و «أهلا» في ما ناب عن العامل ، وليس اشتراكهما أنّ الناصب لهما واحد ، إنما معنى الاشتراك ، أن كلّا منهما انتصب بالعامل الذي ناب عنه فانتصاب «مرحبا» بـ «رحبت» وانتصاب «أهلا» بـ «أهلّت» انتهى كلام الشيخ وفيه أمور :
منها : ما ذكرناه قبل من أنه جعل الإشارة بهذه في كلام المصنف إلى الثواني من الأمثلة المذكورة ، أعني المعطوفات ، ولا شك في أن ذلك فاسد وقد تقدم التنبيه عليه.
ومنها : تمثيله لما استلزم عامله عامل ما قبله بقولهم : كلّ شيء ولا شتيمة حرّ ذاهبا إلى أن الأمر بإتيان كلّ شيء يستلزم الأمر بإتيان شتيمة حرّ ، وأنه خرج بالنهي عن شتيمته قال (٥) : «فقد استلزم الأمر النّهي عن شتيمة حرّ» ولا يخفي أنّ الأمر ليس كذلك فإن العامل المقدّر الذي هو : ترتكب لم يستفد النهي عنه إلّا من كلمة ـ
__________________
(١) انظر الكتاب (١ / ٢٧٤).
(٢) هذا مثل يضرب عند تحريش بعض القوم على بعض من غير مبالاة يعني لا ضرر عليك فخلهم.
ونصب «الكلاب» على معنى أرسل الكلاب. انظر مجمع الأمثال (٣ / ٢٢).
(٣) انظر الكتاب (١ / ٢٩٥).
(٤) انظر المرجع السابق.
(٥) التذييل والتكميل (خ) ٤ ورقة (٢٤٥ / ب) وانظر الصفحة السابقة.