.................................................................................................
______________________________________________________
«إيّاك» والآخر : ما تضمّنه «إيّاك» من الضّمير المنتقل إليه من الفعل النّاصب له ، فإذا أكدت «إيّاك» قلت : إيّاك نفسك أن تفعل ، وإيّاك نفسك والشّرّ ، وأنت بالخيار في تأكيد «إيّاك» بـ «أنت» أو ترك التّأكيد ، وإذا أكّدت الضمير المستكنّ في «إيّاك» قلت : إيّاك أنت نفسك أن تفعل ، وإيّاك أنت نفسك والشّرّ.
وكذلك إذا عطفت ، فان عطفت على «إيّاك» قلت (١) : إيّاك وزيدا والأسد وكذلك رأسك ورجلك والحجر ، وأنت بالخيار في تأكيد «إيّاك» بـ «أنت» ، وإن عطفت على الضّمير المستكنّ قلت : إيّاك أنت وزيد أن تفعلا ، قال جرير :
٣٥٥٣ ـ فإيّاك أنت وعبد المسيح |
أن تقربا قبلة المسجد (٢) |
هذا على رواية من رفع (٣) ، ومن نصب جعله معطوفا على «إيّاك» ، قال : سيبويه (٤) : أنشدناه ـ يعني يونس ـ منصوبا.
ثم لا يخفي أن «أنت» حينئذ يكون توكيدا لـ «إيّاك» وأنت تعرف أن الخليل يرى أن الكاف في «إيّاك» اسم مجرور بإضافة «إيّا» إليه ، فمن ثمّ قال ـ أعني الخليل ـ : لو أن رجلا قال : إيّاك نفسك ـ يعني بخفض نفسك ـ لم أعنفه (٥).
ولما انقضى الكلام في التحذير [شرع] في ذكر الإغراء ، فقوله : وينصب المغرى به إلى قوله : دون عطف ولا تكرار ظاهر غنيّ عن الشرح ، وحاصل الأمر : أن المغرى به حكمه في التزام إضمار العامل وعدم التزامه حكم المحذّر ، إن وجد تكرير أو عطف فالإضمار واجب ، وإن لم يوجد واحد منهما جاز ـ
__________________
(١) انظر الكتاب (١ / ٢٧٨).
(٢) هذا البيت من المتقارب وقائله جرير وليس في ديوانه.
الشرح : يعني بـ «عبد المسيح» الأخطل ، ويخاطب بهذا الفرزدق لميله مع الأخطل يقول : لا تقرب المسجد فلست على الملة لميلك إلى النصاري ومداخلتك لهم.
الشاهد : عطف «عبد المسيح» على «إيّاك» على تقدير : حذّره نفسك وعبد المسيح ، ويجوز الرفع عطفا على «أنت» أي : احذر أنت وعبد المسيح ، انظر الكتاب (١ / ٢٧٨) ، والمقتضب (٣ / ٢١٣) والرواية فيهما بالخرم (حذف الفاء من أوله) وابن السيرافي في (١ / ٢٥٨) والبيت في شرح الجمل لابن عصفور (٢ / ٤١٠).
(٣) هذا الوجه قبيح عند سيبويه انظر الكتاب (١ / ٢٧٨).
(٤) الكتاب (١ / ٢٧٩).
(٥) انظر الكتاب (١ / ٢٧٩).