.................................................................................................
______________________________________________________
نصّ سيبويه على منعه (١) فلزم أن يكون الفعل المقدر «باعد» لا «أحذّر» ثم لا يخفى أنّ حرف الجر متعلق بالفعل المحذوف (٢) ، والظّاهر أن التعلق المذكور إنّما هو على معنى المفعولية.
وفي شرح الشيخ (٣) ما يقتضي جواز أن يكون على معنى المفعول من أجله ، والتقدير : ق نفسك من أجل الأسد ، وقد يدفع هذا بأن الجرّ بـ «من» غير متعيّن لأن الجرّ بـ «عن» جائز أيضا كما عرفت ، ومتى وجدت «عن» وجب أن يكون التعلّق على معنى التعلّق بالمفعول به فلتكن «من» إذا وجدت كذلك.
وأما قول المصنف : وتقديرها مع أن يفعل كاف. فظاهر لأن «أن» يجوز معها حذف حرف الجر قياسا عند أمن اللّبس (٤) ، ولا يتقيد ذلك بباب دون باب ، ولو لم يذكر المصنف ذلك لكان مستغنيا عنه لكونه أمرا معلوما ، وكأنه إنّما نبّه عليه خشية أن يتوهم أن الحكم في هذا الباب مخالف للحكم في غيره.
وأما قوله : وحكم الضّمير في هذا الباب مؤكّدا ومعطوفا عليه حكمه في غيره. فيحتمل أن يريد بالضمير : الضمير المستتر في «إيّاك» أعني ضمير الفاعل المنتقل إليه من الفعل المحذوف وهذا هو الظّاهر ؛ لأن كون «إيّاك» يؤكّد ويعطف عليه لا يرتاب فيه ، ولأن التوكيد والعطف قد علم جوازهما من قول الشاعر :
٣٥٥٢ ـ فإيّاك إيّاك المراء .... (٥)
ومن تمثيلهم نحو : إيّاك والأسد ، ويحتمل أن يريد كلّا من «إيّاك» ومن الضمير المستتر (٦).
ولذا قال الشيخ (٧) في شرح هذا الموضع : الضمير (٨) ضميران أحدهما : لفظ ـ
__________________
(١) انظر الكتاب (١ / ٢٧٩).
(٢) انظر التصريح (٢ / ١٩٣).
(٣) التذييل والتكميل (خ) (٤ / ٢٤٢).
(٤) انظر ابن عقيل (٢ / ١٥١) والهمع (١ / ١٦٩) وشرح الرضى (١ / ١٨٣).
(٥) سبق ذكره.
(٦) هذا الاحتمال هو الأقوى ويشهد له قول سيبويه في الكتاب (١ / ٢٧٨): «فان قلت : إيّاك أنت وزيد فأنت بالخيار ، إن شئت حملته على المنصوب ، وإن شئت على المرفوع المضمر».
(٧) التذييل والتكميل (خ) ٤ ورقة (٢٤٢ / ب) وقد نقل المؤلف كلام الشيخ بتصريف.
(٨) انظر الهمع (١ / ١٧٠) وقد نقل السيوطي هذا الكلام بنصه.