.................................................................................................
______________________________________________________
لأباعد حذف أحدكم ؛ لأنه لا يباعد الإنسان إلّا فعله لا فعل غيره ، فليس وأن يحذف معطوفا على «إياي» بخلاف قولنا : إيّاي (والشّرّ) فإن : والشّرّ معطوف على (إيّاي) والناصب لهما فعل واحد ، قال ابن عمرون مشيرا إلى هذا ـ أعني قول الزجاج ـ : وهذا تطويل لا حاجة إليه لقيام المعنى والإعراب بدونه. وإنما قال ابن عمرون ذلك لأنه قدّر العامل في هذا الكلام : نحّ والزجاج قدّر : لأباعد فاحتاج أن جعل الكلام جملتين لما ذكره.
ونقل ابن عمرون عن ابن خروف أنه أجاز في الفعل المقدّر أن يكون خبرا ، التقدير : إيّاي أحذر وحذف أحدكم الأرنب.
ثم المنقول (١) أن : إيّاي وأن يحذف أحدكم الأرنب. من كلام عمر رضي الله [تعالى] عنه ينهى عن حذف الأرنب بالعصا ونحوه ؛ لأن ذلك لا يحلّ به الصّيد إذا قتل ، وقتل الأرانب بالحذف هو الغالب ، قال ابن عمرون : فهذا وإن كان تقديره باعدني عن حذفها وباعد حذفها عنّي فإنّ المراد النهي عن حذفها لا غير ، ولو قال : لا تحذفوا الأرنب لم يكن فيه من المبالغة ما في هذا الكلام انتهى. وهو كلام حسن.
وقول المصنف : وشبهه من المضاف إلى المخاطب بعد قوله : ونفسك أراد به الرأس والرّجل والعين والفم يقال (٢) : رأسك والحائط ، ورجلك والحجر ، وعينك والنظر إلى ما لا يحلّ ، وفمك والحرام.
وقوله : بإضمار متعلق بقوله : ينصب ، أي : ينصب تحذّرا كذا وتحذيرا كذا بإضمار ما يليق من كذا ومن كذا ، فالنّاصب لضمير المتكلم هو الناصب لضمير المخاطب لكن يختلف التقدير : فمع ضمير المتكلم لا يلزم تقديره مؤخّرا عن المعمول ، بل يجوز أن يقدّر مقدّما عليه ؛ لأنه عامل محذوف ، والعامل إذا حذف انفصل الضمير ، نعم من لم يجعل العامل في إيّاي أمرا وجعله خبرا يلزم على قوله أن يقدّر العامل مؤخّرا عن «إيّاي» لما سنذكره في «إيّاك» ، وكما أن العامل في ضمير المتكلم يجوز تقديره مؤخّرا ومقدما ، هكذا العامل في «نفسك» ـ
__________________
(١) يبدو أنه من كلام المؤلف وانظر شرح الكافية للرضي (١ / ١٨١).
(٢) الهمع (١ / ١٦٩) والمساعد (٢ / ٥٧٠) تحقيق د / محمد كامل بركات.