.................................................................................................
______________________________________________________
وقال : التقدير يا لقومي لأناس. وقد جعل ابن عصفور من ذلك قول الراجز :
٣٤٧٩ ـ يا عجبا لهذه الفليقة |
هل تذهبنّ القوباء الرّيقة (١) |
قال يزيد : يا قوم عجبا. وما قاله غير ظاهر ، فإنه لا معنى للاستغاثة في هذا البيت ، بل هو إما نداء محض نادى قومه ثم أخبر أنه تعجب لهذا الأمر. فالتقدير : يا قوم أعجب عجبا ، فقوله : عجبا منصوب على المصدر. هذا إن كانت الرواية بالتنوين ، وإن كانت بغير تنوين فيكون التقدير يا عجبي ، ثم إنه حذف وعوض عنها الألف كما يقال في يا عبدي : يا عبدا ويكون نداء أريد به التعجب. فالحق أن لا استغاثة في البيت.
ثم اعلم أن ابن جني أجاز في قول الشاعر :
٣٤٨٠ ـ فيا شوق ما أبقى ويا لي من النّوى |
ويا دمع ما أجرى ويا قلب ما أصبى (٢) |
أن يكون يا لي مستغاثا به كأنه استغاث بنفسه من النوى قال : ويمكن أن يكون استغاث لنفسه وحذف المستغاث به .. انتهى (٣).
وإنما جوز ابن جني الأمرين ؛ لأن لام المستغاث من أجله إنما تكون مع ياء المتكلم [٢ / ٢٠٣] مكسورة مستغاثة كانت أو مستغاثا من أجلها ، كما أنها مع الضمير غير الياء إنما تكون مفتوحة مستغاثا ما هو متصل به كان أو مستغاثا به نحو : يا لك كما تقدم تقدير هذا ، لكن قال ابن عصفور : الأصح عندي أن «يا لي» حيثما وقع يكون الضمير فيه مستغاثا له ، والمستغاث به محذوف ؛ لأن العامل في المستغاث به إنما هو الفعل المضمر الذي قام حرف النداء مقامه (٤). وقد نص على ذلك سيبويه في باب الجر (٥). ـ
__________________
(١) رجز لابن قنان ـ إصلاح المنطق (ص ٣٤٤) ، والحلل (ص ٢٢٥) ، وشرح شواهد الشافية (ص ٣٩٩) ، واللسان : قوب ، والمنصف (٣ / ٦١).
(٢) من الطويل للمتنبي ـ ديوانه (١ / ٤٠) ، والأشموني (٣ / ١٦٣) ، والعيني (٤ / ٢٦٦) ، والمغني (١ / ١٨٣) الأمير ، برواية : «ما أقسى» بدل «ما أصبى».
(٣) المصادر السابقة.
(٤) شرح الجمل (٢ / ١١١) ، والمغني (١ / ١٨٣).
(٥) الكتاب (١ / ٤٢١).