.................................................................................................
______________________________________________________
منه أن اللفظية لا مدخل لها في ذلك.
الخامس :
لم يذكر الجماعة الإضافة بمعنى «في» ، وقد أثبتها المصنف واستدل بما تقدم ذكره بعد أن قال : قد أغفل ذلك أكثر النحويين.
قال الشيخ : لا أعلم أحدا ذهب إلى أن الإضافة بمعنى «في» غيره ـ يعني غير المصنف ـ قال : وهذه الشواهد التي ذكرها لا دليل فيها ، إذ كثير مما استدل به هو من باب الصفة المشبهة فإضافته غير محضة لأنه قصد بها التخفيف وما ليس من باب الصفة قدر فيه اللام كقوله تعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ)(١) فإن الحذاق يقولون : إن هذا من إسناد الشيء إلى ما وقع فيه على سبيل التوسع وارتكاب المجاز (٢). انتهى.
أما قوله : إنه لا يعلم أحدا ذهب إلى ذلك غير المصنف ؛ فيعطي أن المصنف هو المنفرد بهذا القول ، ولكن قول المصنف : قد أغفل ذلك أكثر النحويين ؛ يفهم منه أن أقلهم لم يغفله بل ذكره ، ثم إن ابن الحاجب ذكر المسألة في مقدمته (٣) وربما اتبع في ذلك الزمخشري (٤). وأما قوله : إن أكثر ما استدل به المصنف من باب الصفة المشبهة فإضافته غير محضة ؛ فكلام صحيح لما عرفت من أن الإضافة اللفظية لا تقدر بحرف. وأما قوله : وما ليس من باب الصفة قدر فيه اللام كقوله تعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) ، وأن هذا من باب إسناد الشيء إلى ما وقع فيه على سبيل التوسع وارتكاب المجاز ؛ فكلام صحيح أيضا. وقد تقدم قول المصنف في باب الظرف : (ويتوسع في الظرف المتصرف) (٥) ، ولكن لا يلزم من هذا أنه يمنع الإضافة إلى الظرف.
بل له أن يقول : قد يتوسع في الظرف ، وقد لا يتوسع بل يبقى على حاله ظرفا ، فإن أضيف إليه وقد يتوسع فيه فالإضافة بمعنى اللام ، وإن كان باقيا على ظرفيته دون توسع فالإضافة بمعنى «في» حينئذ. وعلى هذا لا منافاة بين قوله هنا : إن إضافة الشيء إلى ظرفه تكون بمعنى «في» وقوله في باب الظرف : إنه قد يتوسع فيه ـ
__________________
(١) سورة سبأ : ٣٣. (٢) التذييل (٧ / ١٨٠).
(٣) الكافية بشرح الرضي (١ / ٢٧٣).
(٤) المفصل (٢ / ١١٨) ، وراجع : الأشباه (٢ / ١٩٢) ، والتصريح (٢ / ٢٦) ، والخصائص (٣ / ٢٦) ، والمقتضب تعليق الشيخ عضيمة (٤ / ١٤٣).
(٥) شرح التسهيل (٩٩) وما بعدها.