وربما كانت من صنع الحريري في «درّة الغواص» ؛ ذلك أن الشعبي فقيه ، وثقة في رواية الحديث ، ولا يخرج منه هذا الكلام. ثم إنّ القصة غير محبوكة ، وإنما صنعت لتعليم الصبية أحكام اللغة والفقه ، وما الذي أدرى الشعبي أنها ستقول في الجواب : «أما نكتني» ؛ ليكون كلامها مضحكا؟ أما يمكن أن تقول : ومن الذي قال لك ذلك؟ أو غيره من الأجوبة التي لا يوجد فيها هذا الفعل ، ثم إن قوله المزعوم لها : «لا والله ، ولو فعلت ، لاغتسلت» جواب في غير محله ، فقوله : «لو فعلت ، لاغتسلت» ، كان حقه أن يقول : وكيف أفعل وأنت لست زوجة لي ، أو يقول : لو فعلت لرجمت ، لأن ليلى محصنة ، والشعبي محصن.
وبعد : فلا تلتفتنّ أيها القارىء إلى مضمون قصص الأدب التاريخي ؛ لأن أكثرها مصنوع لهدف القصة والتسلية ، أو للتعليم.
(٤) أيا أبتي لا زلت فينا فإنّما |
|
لنا أمل في العيش ما دمت عائشا |
لا يعرف قائله ، والشاهد في «: أبتي» ، حيث جمع فيه بين العوض ، والمعوض ، وهما : التاء وياء المتكلم ؛ لأن التاء عوض عن ياء المتكلم في قوله : «يا أبت» ، وهذا لا يجوز إلا في الضرورة ، وأجازه الكوفيون مطلقا. [شرح التصريح / ٢ / ١٧٨ ، والأشموني / ٣ / ١٥٨].