البيت من قصيدة أبي طالب عمّ النبي صلىاللهعليهوسلم.
وفي البيت شاهد على فاعل «نعم» المضاف إلى اسم أضيف إلى مقترن بـ «أل» ، وهذه القصيدة تطول في بعض المراجع ، وتقصر في بعضها ، وهي في السيرة النبوية لابن هشام تزيد على ثمانين بيتا ، ومهما كان الأمر ، فإن أصل القصيدة صحيح ، لما روى البخاري في صحيحه (ك ١٥) عن عبد الله بن دينار قال : سمعت عبد الله بن عمر يتمثل بشعر أبي طالب :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... البيت. وعن سالم عن أبيه ربّما ذكرت قول الشاعر ـ وأنا أنظر إلى وجه النبيّ صلىاللهعليهوسلم يستسقي ، فما ينزل حتى يجيش كل ميزاب ـ :
وأبيض يستسقى ... البيت.
وهو قول أبي طالب ، وهذا يدلّ على صحة نسبة القصيدة ، أو بعضها إلى أبي طالب ، وإذا كنا لا نملك سندا صحيحا لبقية أبيات القصيدة ، فإننا نقرر أن أبا طالب لم يقتصر على هذا البيت من القصيدة ، وإنما قال مجموعة من أبياتها ، ونرى أن الصحيح والمنحول من أبياتها صحيح المعنى ، بل كلّ ما قيل في مدح النبيّ صلىاللهعليهوسلم يوافق صفاته النبوية الشريفة ، ولا يصدق مدح في مخلوق ، كما يصدق في محمد صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنه الإنسان الذي اختاره الله للنبوة والرسالة ، وأكمل له خلقه وخلقه ، وقد قال أبو طالب هذه القصيدة عند ما حصر المشركون بني هاشم وبني عبد المطلب في الشّعب ، قال ابن كثير : وهي قصيدة بليغة جدا ، لا يستطيع أن يقولها إلا من نسبت إليه ، وهي أفحل من المعلقات السبع ، وأبلغ في تأدية المعنى ، وقد أحببت أن أورد منها أبياتا مختارة مشروحة ، محبّة في النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فاخترت ما اختاره منها البغدادي في خزانة الأدب ، مع شرحه وإعرابه ، وهذا هو المختار كما أثبته البغدادي : [الخزانة / ٢ / ٥٩].
(٢٨٧) خليليّ ما أذني لأوّل عاذل |
|
بصغواء في حقّ ولا عند باطل |
بصغواء : خبر «ما» النافية. وهي حجازية ؛ ولذا زيدت «الباء» ، والصغّو : الميل ، وأصغيت إلى فلان : إذا ملت بسمعك نحوه. ولأوّل عاذل : متعلّق بـ «صغواء» ، و «في حقّ» متعلق بـ «عاذل» ، أي : لا أميل بأذني لأوّل عاذل في الحق ، وإنما قيّد العاذل بالأوّل ؛ لأنه إذا لم يقبل عذل العاذل الأوّل ، فمن باب أولى أن لا يقبل عذل العاذل الثاني ، فإنّ النفس