وهذه ليست من صفات المحبّ الصادق ، وهو منافق كاذب ؛ لأنه تمنى في مكان سابق أن تشمل الشام غارة شعواء في قوله :
كيف نومي على الفراش ولما |
|
تشمل الشام غارة شعواء |
وكيف يتمنى محبّ لقومه أن تشمل الأرض التي بارك الله فيها وحولها ، غارة شعواء؟! لقد خيب الله أمنيته ، وبقيت الشام أرض خير ، وسوف تبقى تردّ كيد الكائدين ، إن شاء الله.
(٥٤) تنادوا بالرحيل غدا |
|
وفي ترحالهم نفسي |
لم يعرف قائله ، والشاهد : بـ «الرحيل غدا» على أن جملة «الرحيل غدا» من المبتدأ والخبر محكية بقول محذوف عند البصريين ، والتقدير : تنادوا بقولهم : الرحيل غدا ، وعند الكوفيين محكية بـ «تنادوا» فإنه يجوز عندهم الحكاية بما في معنى القول ، فإنّ تنادوا معناه نادى كلّ منهم الآخر ورفع صوته بهذا اللفظ ، وهو الرحيل غدا ، وأجاز أبو علي فيها ثلاثة أوجه :
بالرحيل غدا : بالجرّ ، و «الرحيل غدا» بالرفع ، والنصب : الرحيل غدا ، بتقدير نرحل الرحيل غدا ، أو نجعل الرحيل غدا. [الخزانة / ٩ / ١٨٢].
(٥٥) لما تذكرت بالدّيرين أرّقني |
|
صوت الدّجاج وقرع بالنّواقيس |
البيت لجرير ، والديران : موضع قرب دمشق. والبيت شاهد على أن الدجاج يقع على المذكر والمؤنث ؛ لأنه إنما أراد هنا ، صوت الديكة خاصة. وقال الأصمعي : أراد بالديرين ، ديرا واحدا ، وقال شارح ديوان جرير ، يقول : أرقني انتظاري صوت الديك والنواقيس ، وإنما يكون ذلك عند الصباح. [ديوان جرير / ١٢٦ ، وشرح أبيات المغني / ١ / ٣٢٤ ، وج ٥ / ٢٢٩].