والتقدير : وما وصف سعاد غداة البين إلا كوصف ظبي.
وقوله : «وما سعاد» ، قال ابن هشام : الواو عاطفة على الفعلية «بانت سعاد» ، لا على الاسمية «فقلبي اليوم متبول». وسعاد : مبتدأ ، لا اسم لـ «ما» ؛ لانتقاض النفي بـ «إلا» ، والأصل : «وما هي» ، فأناب الظاهر عن المضمر ، والذي سهله أنهما في جملتين وفي بيتين ، وأن بينهما جملة فاصلة ، وأن اسم المحبوب يتلذذ بإعادته.
(١٨٥) كأنّ أوب ذراعيها إذا عرقت |
|
وقد تلفّع بالقور العساقيل |
شدّ النهار ذراعا عيطل نصف |
|
قامت فجاوبها نكد مثاكيل |
لكعب بن زهير ، يصف ناقته التي تبلغه إلى سعاد.
كأنّ : حرف ناسخ ، اسمها «أوب» ، وخبرها «ذراعا» في البيت الثاني.
والتلفع : الاشتمال والتجلل. والقور : جمع قارة ، وهي الجبل الصغير. والعساقيل : اسم لأوائل السراب ، جاء بلفظ الجمع ولا واحد له من لفظه. وقال : تلفع بالقور العساقيل ، وإنما المعنى : تلفع القور بالعساقيل ، فقلب.
وقوله : إذا عرقت ، كناية عن وقت الهاجرة وشدة الحر.
وشدّ النهار : بالنصب ، ارتفاعه ، منصوب على الظرف. والعيطل : المرأة الطويلة.
والنّصف : التي بين الشابة والكهلة. والنكد : جمع نكداء ، التي لا يعيش لها ولد.
والمثاكيل : جمع مثكال ، وهي الكثيرة الثكل ، أي : التي مات لها أولاد كثير.
والمعنى : كأنّ ذراعي هذه الناقة في سرعتها في السير ذراعا هذه المرأة في اللطم لما فقدت ولدها ، وجاوبها نساء فقدن أولادهن ؛ لأنّ النساء المثاكيل إذا جاوبنها كان ذلك أقوى لحزنها ، وأنشط في ترجيع يديها عند النوح.
فهو يصف سرعة الناقة وقت الهاجرة ، ويشبه ذراعي الناقة وهي تتابع سيرها بذراعي هذه المرأة وهي تتابع اللطم. وهي صورة تدل على دقة ملاحظة الشاعر.
والشاهد في البيت الأول القلب.