وقوله : يا ليت ، «يا» الداخلة على ليت حرف تنبيه. وليت شعري : ليت علمي. والتزم حذف الخبر في «ليت شعري» مردفا باستفهام ، وهذا الاستفهام مفعول «شعري» ، أي : ليت علمي بما يسأل عنه بهذا الاستفهام حاصل. وعنكم : متعلق بشعري ، وعن : بمعنى الباء ؛ لأنه يقال : شعري به. وحنيفا : بلا تنوين ، منادى مرخم من حنيفة ، وحرف النداء محذوف ، والألف للاطلاق ، وحنيفة : أبو قبيلة.
والشاهد : «أشاهرنّ» ، حيث لحقت نون التوكيد اسم الفاعل ، تشبيها له بالمضارع ، وأصله : أشاهرون ، فلما أكد صار : أشاهروننّ ، حذفت «نون» الجمع ؛ لتوالي الأمثال ، وحذفت «الواو» ؛ لاجتماعها ساكنة مع نون التوكيد ، وبقيت الضمة دليلا عليها. [الخزانة / ١١ / ٤٢٧ ، واللسان «شهر» والأشموني / ١ / ٤١ ، والعيني / ١ / ١٢٢]. وقد كتب العيني في شرحه وإعرابه ما يدل على قصر باعه في فهم الشعر ، فالذي يظهر أن العيني كان جهده منصبا على النظر في المجموعات الشعرية ، ونسبة البيت إلى صاحبه ، ولم يكن يقرأ ما كتبه العلماء السابقون في شرح الشاهد ؛ ولذلك وقع في مزالق كثيرة جعلته ـ عندي ـ غير جدير بالثقة فيما يكتب من المعاني والإعراب ، ولم أنقل للقارىء ما قاله العيني ؛ لئلا يتشوش فكره ، فإن أحبّ قراءة ما كتبه ، لاختبار صحة ما أقول ، فليرجع إليه القارىء في موضعه.
(٦٣) إنّ الربيع الجود والخريفا |
|
يدا أبي العباس والصّيوفا |
رجز للعجاج ، أو لابنه رؤبة ، في مدح أبي العباس السّفاح ، أول خلفاء بني العباس. وأراد بالربيع ، والخريف ، والصيوف (جمع صيف) ، ما فيهم من المطر. والجود : أغزر المطر. مدح أبا العباس بالكرم ، فجاء بالتشبيه المقلوب ، فجعل المطر في هذه الفصول مشبها جود أبي العباس ؛ للمبالغة.
واستشهدوا بالرجز على أن نصب المعطوف على اسم «إنّ» بعد استكمالها خبرها يجوز ، وهو المثال ، حيث عطف الصيوف بالنصب على اسم «إنّ» المنصوب ، ولو رفع حملا على الموضع ، أو على الابتداء وإضمار الخبر ، لجاز. [سيبويه / ١ / ٢٨٥ ، وشرح التصريح / ١ / ٢٢٦ ، والهمع / ٢ / ١٤٤ ، والدرر / ٢ / ٢٠٠]. قال أبو أحمد : والشاعر هنا كاذب ؛ لأن أبا العباس لم يكن كريما. فالكرم كرمان : كرم النفس ، وكرم اليد. ولم يكن أبو العباس كريم النفس ؛ لأنه قتل آلافا من غير ذنب ، وغدر برفقاء الطريق. ولم يكن كريم اليد ؛