حماسة أبي تمام ، بشرح المرزوقي ص ٦٤٦ ، رابع أربعة أبيات ، منها قوله :
لا يحمل العبد فينا فوق طاقته |
|
ونحن نحمل ما لا تحمل القلع |
والقلع : الهضاب العظام مفردها قلعة ، بفتحات ثلاث ، أو بسكون اللام ، وبها سمي الحصن المبني على الجبل. والبيت يدل على رفق العرب بعبيدهم وخدمهم ، ونأخذ منه أحد أسباب قلة البنايات الضخمة التي تبقى على الدهر عند العرب ، مع وجودها عند الأمم الأخرى ، ذلك أن أمم العجم ، كانت تستذل العبيد ، وتسخرها في الأعمال الشاقة ، أما العرب ، فهم يرحمون عبيدهم وخدمهم ، والله أعلم.
(١٥١) فإنّك والتّأبين عروة بعد ما |
|
دعاك وأيدينا إليه شوارع |
البيت غير منسوب ، ونقله الأشموني شاهدا لعمل المصدر المعرف بـ «أل» ، فالتأبين : نصب «عروة» ، ولم يتفق العيني والصبان على لفظ التأبين ومعناه ، فالتأبين بهذه الصورة ؛ مدح الرجل بعد موته. وشرحه العيني من أبنت الرجل (رقبته ، أو راقبته ، أو رقيته) ، وليس بصحيح ، وإنما الفعل «أبن» ، بمعنى عاب ، ولكن مصدره «الأبن» ، ولعله «التأنيب» ، فإنّ فعله «أنّب». ولا نعرف من عروة ، فالبيت مفرد. وخبر «إنّ» في أول البيت ، في بيت لاحق. [الأشموني ، والصبّان ، والعيني ج ٢ / ٢٨٤].
(١٥٢) لا يبعد الله إخوانا تركتهم |
|
لم أدر بعد غداة الأمس ما صنع |
البيت لابن مقبل. ولا يبعد : لفظه الإخبار ، ومعناه الدعاء. قال الزمخشري : وكل واو وياء لا تحذف ، تحذف في الفواصل والقوافي ، كقوله تعالى : (الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ) [الرعد : ٩] ، (يَوْمَ التَّنادِ) [غافر : ٣٢]. وأنشد سيبويه (البيت). وقوله : «ما صنع» أي : ما صنعوا ، فحذف واو الجماعة ، واكتفى بالضمة ، ولكن رواية سيبويه بسكون آخره. [سيبويه / ٤ / ٢١١ ، هارون ، وشرح المفصل ج ٩ / ٧٨].
(١٥٣) يا ليت من يمنع المعروف يمنعه |
|
حتى يذوق رجال مرّ ما صنعوا |
وليت رزق رجال مثل نائلهم |
|
قوت كقوت ووسع كالذي وسعوا |
لأبي دهبل الجمحي. وفي البيت الثاني شاهد على أن «الذي» مصدريّة. [شرح التصريح / ١ / ١٣٠].