.................................................................................................
______________________________________________________
الذي ، و «أنت» مبتدأ والخبر محذوف ؛ التقدير : كن كالذي أنت كائنه ، والهاء عائدة على «الذي» ، ويكون «كما أنت» خبرا لـ «كن» ، ويجوز أن تجعل «ما» كافة فلما كفّت الكاف عن العمل وليتها الجملة ويكون هذا بمنزلة قولك : زيد جالس ، كما عمرو كذلك ، وارتبطت الجملتان بـ «كما» على أن مقتضى الأول شبه بمقتضى الثاني ، وأنت هنا إنما أردت كن في ما يستقبل كحالك الآن ، فلما دخلت «ما» كفتها عن مخفوضها ووقع بعدها جملة يفهم منها ما كان يفهم من المنخفض الذي يخفض بالكاف فلذلك يجاء بـ «ما».
قال : ونظير هذا قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ)(١) ، فهذه الجملة مفسرة للموعود ويعمل العرب هذا كثيرا في مواضع التعظيم (٢). ثم قال ابن عصفور : وزعم الخليل أن الكاف إذا لحقتها «ما» الكافة [فقد] (٣) يجعلها العرب بمعنى «لعلّ» ، وجعل من ذلك قولهم : انتظرني كما آتيك ؛ فالمعنى : لعلي آتيك ، قال : ومنه قول الشاعر :
٢٥٩٨ ـ قلت لسفيان ادن من لقائه |
كما نغدّي القوم من شوائه (٤) |
أي : لعلنا نغدي القوم من شوائه ، وقول الآخر :
٢٥٩٩ ـ لا تشتم النّاس كما لا تشتم (٥)
أي : لعلك لا تشتم
وقال الفراء : إن الكاف للتشبيه ، وجعل «كما آتيك» صفة لمصدر محذوف تقديره : انتظرني انتظارا صادقا مثل إتياني لك أي : فـ لي بالانتظار كما أفي لك بالإتيان ، وكذا قال في «(لا) (٦) تشتم النّاس كما لا تشتم» : التقدير : انته عن شتم الناس كانتهائهم عن شتمك (٧) ، ثم قال : وجعل الكوفيون «كما» في «كما ـ
__________________
(١) سورة المائدة : ٩.
(٢) كلام ابن أبي الربيع هذا مثله في التذييل (٤ / ٣١) ولم يعيّن أبو حيان قائله.
(٣) الأصل : «قد» ، وهو مخالفة نحوية ، وانظر : الكتاب (٣ / ١١٦).
(٤) رجز لأبي النجم وانظر : الإنصاف (ص ٥٩١) ، والكتاب (١ / ٤٦٠).
(٥) رجز لرؤبة. راجع : ملحقات ديوانه (ص ١٨٣) والدرر (٢ / ٣٤) والكتاب (١ / ٤٥٩) والهمع (٢ / ٣٨).
(٦) الأصل : «ما».
(٧) راجع : الارتشاف (٢ / ٤٣٩) ، والتذييل (٤ / ٣٤).