.................................................................................................
______________________________________________________
الصلاة والسّلام. ولا يعطف بها إلا الأسماء وهذا الاستعمال أقل الاستعمالات فيها.
ومثال استعمالها حرف ابتداء قولهم : قام القوم حتى زيد قام ، وحتى زيد يقوم ، ومن ذلك قوله :
٢٥٦٦ ـ ألقى الصّحيفة كي يخفّف رحله |
والزّاد حتّى نعله ألقاها |
في رواية من رفع «نعله». والدليل على أنها حرف ابتداء أنها لو كانت جارة لانخفض ما بعدها ، ولو كانت عاطفة لشركت بين الاسم الذي بعدها والاسم الذي قبلها في الإعراب فتعين أن تكون حرف ابتداء. لا يقال : هي جارة والجملة بعدها في موضع خفض لها ؛ لأن الجمل لا يدخل عليها حروف الجر في فصيح الكلام ، فلا يقال : عجبت من يقوم زيد ، ولا عجبت من زيد قائم ؛ لأنه يؤدي إلى تعليق حروف الجر ، وحروف الجر لا تعلّق في موضع ؛ ألا ترى كيف فحّش سيبويه [ذلك] (١) ومما يدل على أنها تستعمل حرف ابتداء قول الشاعر :
٢٥٦٧ ـ فيا عجبا حتّى كليب تسبّني |
كأنّ أباها نهشل أو مجاشع (٢) |
فإنها ليست خافضة ؛ لما ذكرنا أن حرف الجر لا يباشر الجمل ، ولا عاطفة ؛ لأنها لا يعطف بها إلا الأسماء. ثم شرع في التقسيم ـ أعني تقسيم «حتى» من الرأس ـ فقال (٣) : فعلى هذا : الاسم الواقع بعد «حتى» إما أن يقع بعده شيء ، أو لا. إن لم يقع بعده شيء يصلح أن يكون خبرا له ؛ فإما أن يتقدم «حتى» ما يكون الاسم الواقع بعدها جزءا [منه] ، أو لا يتقدم. إن لم يتقدم ؛ لم يجز في الاسم الواقع بعدها إلا الخفض ، وذلك نحو قولك : سرت حتى الليل ، ونمت حتى الصباح ؛ بخفض «الليل» و «الصباح».
وإن تقدمها ما يكون الاسم الواقع بعدها جزءا منه ؛ فإما أن يقترن بالكلام قرينة تدل ـ
__________________
(١) زيادة لا غنى عنها ، وفي الكتاب (٣ / ١٤٧): (وقال الخليل : أشهد بأنك لذاهب غير جائز من قبل أن حروف الجر لا تعلّق) وانظر أيضا : الكتاب (١ / ٩٧).
(٢) من الطويل للفرزدق. انظر : ديوانه (١ / ٤١٩) ، والحلل (ص ٨٣) ، وشرح المفصل (٨ / ١٨) ، والمغني (١ / ١١٤) بحاشية الأمير. ونهشل ، ومجاشع : ابنا دارم رهط الفرزدق ، وكليب : رهط جرير.
(٣) القائل هو ابن عصفور وهذا الحديث الطويل عن «حتى» هو من شرح الإيضاح المفقود وله نظير وملخص في شرح الجمل (١ / ٥١٧ ، ٥١٨ ، ٥١٩).