.................................................................................................
______________________________________________________
قال : وهو قول لا دليل عليه.
ولما ذكر ابن أبي الربيع أن ما بعد «حتى» العاطفة لا يكون إلا الطّرف الأعلى ، أو الطرف الأدنى ومثّل بـ جاءني الناس حتى الأمير ، وقدم الحاج حتى المشاة ، قال : ولو قيل : قدم الحاج حتى الركبان ؛ لم يكن فيه دليل على قدوم المشاة ؛ لأن الركبان أقوى على المشي من المشاة ، قال : والأحسن في هذا أن يجعل الاسم مخفوضا فتقول : شتمه الناس حتى زيد ، وضربت القوم حتى عمرو ، ثم قال : فإن قلت : كيف خفضت بـ «حتى» وليس فيها معنى «إلى» ؛ ألا ترى أنك لو جعلت مكانها «إلى» لم يصلح وفسد المعنى ، قلت : كان الأستاذ أبو علي ـ رحمهالله تعالى ـ يذهب إلى أنها تخفض بما فيها من الغاية (١) ووجه ذلك : أنك لما قلت : جاءني القوم حتى زيد ؛ كان معناه انتهى مجيء القوم إلى زيد ، وكذلك : ضربت القوم حتى عمرو ، أي : انتهى ضرب القوم إلى عمرو.
ثم ذكر مسألة وهي : إذا قلت : جاءني القوم حتى زيد ؛ فقال : يجوز في «حتى» أن تكون عاطفة ، ويكون ما بعدها مرفوعا ، ويجوز أن تكون خافضة وهو أحسن ، ولم يجز البصريون أن يكون ما بعدها مرفوعا بالابتداء والخبر محذوف ، وكذلك : ضربت القوم حتى زيد أو حتى زيد الخفض أكثر وأحسن. ولا يجوز الرفع بالابتداء والخبر محذوف ونقل عن بعض الكوفيين أنهم أجازوه. قال : وكان الأستاذ أبو علي يقول (٢) : لا يجوز ؛ لأن حتى [٤ / ١٦] مهيأة للعمل في الاسم من حيث هو مفرد ، وفي «حتى» معنى الغاية كما ذكرته. فلو رفعت بالابتداء لهيأت العامل للعمل وقطعته عنه ، وأمر آخر أنك تركت العامل اللفظي المهيأ للعمل ، وأعملت المعنوي ، واللفظي أقوى من المعنوي ، والدليل على صحة هذا القياس ومراعاته عدم السماع ، والله تعالى أعلم.
وأما ابن عصفور فإنه قد تقدم عنه ذكر الجارة ثم إنه قال بعد ذكره ذلك (٣) : ومثال استعمالها عاطفة : قدم الحجاج حتى المشاة ، ومات الناس حتى الأنبياء عليهم ـ
__________________
(١) التذييل (٤ / ٢٨) ، و «الأستاذ» عند المغاربة ليس غير الشلوبين.
(٢) المصدر السابق (ص ٢٩).
(٣) من شرح الإيضاح المفقود وانظر مختصرا له في شرح الجمل : (١ / ٤٩٨) أبو جناح.