.................................................................................................
______________________________________________________
أحدهما : أن يكون (المفتون) (١) مصدرا جاء على زنة مفعول التقدير بأيكم الفتنة.
والآخر : أن يكون (المفتون) صفة والباء بمعنى «في» ، التقدير : في أيكم المفتون أي : في أيكم القرين المفتون. وأجاز الأخفش زيادة الباء في خبر المبتدأ في غير النفي وجعل من ذلك قوله تعالى : (جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها)(٢) ، التقدير عنده : جزاء سيئة سيئة مثلها ، واستدل على ذلك بقوله تعالى في الآية الأخرى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها)(٣).
وقد خرّجت الآية الشريفة على وجهين لا تكون الباء فيهما زائدة :
أحدهما : أن المجرور في موضع الخبر ، والتقدير : جزاء سيئة حاصل بمثلها.
الآخر : أن يكون المجرور متعلقا بـ (جزاء) والخبر محذوف والتقدير : ثابت لهم.
وذكروا من زيادة الباء في المفعول : قرأت بالسورة ، أي : قرأت السورة قال الشاعر :
٢٤٨١ ـ هنّ الحرائر لا ربّات أخمرة |
سود المحاجر لا يقرأن بالسّور (٤) |
أي : لا يقرأن السور ، وليس منه (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ)(٥) ؛ لأن الباء فيه للاستعانة. قال : وبالجملة كل فعل وصل بنفسه تارة وبالباء أخرى ووصوله بنفسه إلى مفعوله أكثر من وصوله إليه بالباء وليس في دخول الباء عليه زيادة معنى نحو ما ذكر من أمسكت زيدا ، وأمسكت بزيد ؛ فإنه إن أمكن تضمينه معنى فعل يصل بالباء لم تجعل الباء فيه زائدة نحو الباء في قوله :
٢٤٨٢ ـ نحن بني ضبّة أصحاب الفلج |
نضرب بالسّيف ونرجو بالفرج (٦) |
وقول الآخر :
٢٤٨٣ ـ ضمنت برزق [٤ / ٤] عيالنا أرماحنا (٧)
ألا ترى أنه يجوز أن يكون ضمّن «ضمنت» معنى تكفّلت فعدّاه بالباء ؛ ذلك لأن من ضمن شيئا فقد تكفل به ، وكذلك يجوز أيضا أن يكون ضمن «نرجو» ـ
__________________
(١) سورة القلم : ٦.
(٢) سورة يونس : ٢٧.
(٣) سورة الشورى : ٤٠ ، وانظر : معاني القرآن للأخفش (١ / ٣٤٨).
(٤) من البسيط للراعي ، وراجع : الخزانة (٣ / ٦٦٧) ، واللسان «قرأ» ومجالس ثعلب (ص ٣٦٥) والمخصص (١٤ / ٧٠) والمغني (ص ٢٩ ، ١٠٩ ، ٦٧٥).
(٥) سورة العلق : ١.
(٦) ويروى : بنو شطر بيت من الرجز ذكرنا صدره وهو للنابغة الجعدي انظر : ملحقات ديوانه (ص ٢١٦) ، والإنصاف (ص ٢٨٤) ، والخزانة (٤ / ١٥٩) ، والمغني (ص ١٠٨).
(٧) شطر بيت من الكامل ، وانظره في : الأشموني (٢ / ٩٥) ، والمخصص (١٤ / ٧٠).