[مسألتان في الاستثناء التام]
قال ابن مالك : (ولا يشترط في جواز نصبه تعريف المستثنى منه ، خلافا للفرّاء ، ولا في جواز الإبدال عدم الصلاحية للإيجاب خلافا لبعض القدماء).
______________________________________________________
النزاع إلّا وتعلق العامل به مساو لتعلقه بالمبدل منه ، والأمر في (زيد) و (أحد) بخلاف ذلك ، فيضعف كونه بدلا ؛ إذ ليس في الأبدال ما يشبهه ، وإن جعل معطوفا لم يلزم من ذلك مخالفة المعطوفات ، بل يكون نظير المعطوف بـ (لا) و (بل) و (لكن) فكان جعله معطوفا أولى من جعله بدلا.
قال ناظر الجيش : هاتان مسألتان :
الأولى : أنّ الفراء اشترط في جواز النّصب والإتباع تعريف المستثنى منه بخلاف قوله تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ)(١) فإنّ الاستثناء فيه من نكرة فيلزم فيه ـ على مذهب الفراء ـ الإتباع (٢). قال المصنف (٣) : ولا حجة له ؛ لأنّ النصب هو الأصل ، والإتباع داخل عليه ، وقد رجح عليه بطلب المشاكلة ، فلو جعل بعد ترجيحه عليه مانعا منه لكان ذلك إجحافا بالأصل ، فضعف هذا الاعتبار قول الفرّاء. قوله تعالى : (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ)(٤) في قراءة النصب ، على أن يجعل مستثنى من (أحد) لا من الأهل ، تتفق القراءتان في الاستثناء من شيء واحد ، ولأنّه قد قيل : إنه قد أخرجها معهم ، وقد روى سيبويه عن يونس وعيسى ، أنّ بعض العرب ، الموثوق بعربيّتهم يقول : ما مررت بأحد إلا زيدا ، وما أتاني أحد إلا زيدا ، بالنصب بعد النكرة ، وهذا ينقض دعوى الفراء (٥).
الثانية : أنّ بعض القدماء ، ممن لم يسمّه سيبويه منع الإتباع في كلّ منفيّ ، جاز ـ
__________________
(١) سورة النور : ٦ ، وينظر الكتاب (٢ / ٣١٢) ، والاستغناء في أحكام الاستثناء (ص ١٨٠ ، ٣٧٦).
(٢) في معاني الفراء (١ / ٢٤٣): «وإنما يرفع ما بعد (إلا) بإتباعه ما قبله إذا كان نكرة ومعه جحد كقولك : ما عندي أحد إلا أبوك». اه. وينظر نفس المرجع (٢ / ٢٩٨ ، ٢٩٩).
(٣) شرح المصنف (٢ / ٢٨٣).
(٤) سورة هود : ٨١ ، وقرأ بالنصب غير ابن كثير وأبي عمرو ، ينظر الكشف عن وجوه القراءات (١ / ٥٣٦).
(٥) ينظر التذييل والتكميل (٣ / ٥٤٧) حيث نقل ذلك عنه ناظر الجيش بتصرف ، والمساعد لابن عقيل (١ / ٥٦١) ، وينظر الكتاب (٢ / ٣١٩).