.................................................................................................
______________________________________________________
الثالث : أن تكون مجرورة بحرف جرّ (١) ، نحو : بكم درهم اشتريت ثوبك؟وبكم جارية تمتعت؟ ولكم عرض قصدتني؟ (٢). انتهى.
وهذه الثّلاثة التي ذكرها هي اثنان لا غير ؛ لأنّ خبر (كان) وأخواتها دخل تحت قوله : أن يكون خبرا لمبتدأ.
ثمّ العذر عن المصنّف في أنّه لم يذكر هذين الموضعين ، أما المجرورة بحرف ، فهي مندرجة في قول المصنف : ومفعولا بها ؛ لأنّ الحرف إنّما هو متعدّ للعامل ، ولهذا يقال : المجرور في موضع نصب ، وإذا سقط الحرف لضرورة أو غيرها انتصب الاسم.
وأما كونها خبرا لمبتدأ فلا شكّ أنّها نكرة ، والأصل في الخبر التنكير ، فنحن ، في نحو : كم دراهمك؟ ـ نعرب (كم) خبرا ، ولو لا قول الأئمة بجواز الابتداء في هذا التركيب بـ (كم) لما أقدم عليه (٣) ، فلمّا كان كونها خبرا هو الأصل لم يحتج المصنف إلى ذكره ، واحتاج أن ينبّه على وقوعها مبتدأ من جهة أنّ الابتداء بالنكرة خلاف الأصل ، أو يقال : مراد المصنف التنبيه على أنّ (كم) تقع عمدة ، وتقع فضلة ، فاكتفى بالعمديّة بذكر المبتدأ ؛ لأنه الأصل في العمد ، وما صحّ وقوعه مبتدأ صحّ وقوعه خبرا ؛ إذ لم تلزم ابتدائيته ، وعلى هذا لا يحتاج إلى أن يذكر وقوعها خبرا ، وإنّما ذكر المصنف وقوعها مصدرا ، أو ظرفا مع أنهما من الفضلات كالواقعة مفعولا بها ليحصر المواضع التي تقع (كم) فيها منصوبة ، فيعلم منها أنّها لا تقع منصوبة في غير ما أشار إليه (٤) ، ولهذا قالوا : إنّها لا تكون مفعولا لها ؛ لأنّها ليست مصدرا ، ولا مفعولا معه. ـ
__________________
(١) بشرط أن يكون ذلك الحرف متعلقا بالفعل بعدها ، ينظر : المرجع السابق الصفحة نفسها.
(٢) ينظر : المرجع السابق الصفحة نفسها حيث قال بعد ذلك : «إلا أنّ من قاس على اللغة التي حكاها الأخفش في الخبرية ، من أنه يتقدم عليها العامل» في نحو : ملكت كم غلام؟ يجوز في قوله أن يتقدم هنا الفعل ، الذي يتعلق به حرف الجر ، فتقول : تمتعت بكم جارية؟». اه.
وفي توضيح المقاصد والمسالك للمرادي (٤ / ٣٣٣): «وحكى الأخفش أن بعض العرب يقدم العامل على (كم) الخبرية ، فيقول : ملكت كم غلام. فقيل : هي من القلة بحيث لا يقاس عليها ، والصحيح أنه يجوز القياس عليها وأنها لغة». اه.
(٣) ينظر : المرجع قبل السابق الصفحة نفسها ، وشرح التسهيل للمرادي (١٧٩ / ب) ، وحاشية الصبان (٤ / ٨٣).
(٤) ينظر : الهمع (٢ / ٧٥).