.................................................................................................
______________________________________________________
كأنّه قال : في الحجّ أو بمنى ، لدلالة الكلام عليه (١). انتهى.
أما قوله : إنّ المعرفة يصحّ وقوعها خبرا عن (كم) ، فغير ظاهر ؛ لأنّ سيبويه جعل (مالك) خبرا عن (كم) في نحو : كم مالك مع إمكان أن يكون (كم) في هذا التركيب خبرا ، و (مالك) مبتدأ ، فكيف ترك سيبويه الأمر الجائز ، بل الظاهر ، الذي هو الأصل ـ وهو جعل النكرة خبرا عن المعرفة ، إلى شيء فيه قبح هذا أمر فيه بعد ، وأما أنّ الإخبار عنها بالظرف والمجرور لا يحسن فلم يظهر لي عدم حسنه ؛ لأنّني لم أتحقق العلة التي ذكرها ، وهي قوله : إنّ في ذلك ضربا من التّخصيص (٢) ، وأمّا قوله : «وأنّ معنى قولك : كم غلمان لك؟ كم غلمان غلمانك (٣)» ، فغير ظاهر ؛ فإنّ المعنى : كثير من الغلمان استقرّ لك ، ويلزم من ذلك أن الغلمان المستكثرة غلمانه ، فيستفاد من الكلام أنّ الغلمان الذين له كثيرون.
ومنها : أنّه قال : ذكر المصنف لـ (كم) خمسة مواضع من الإعراب ، وترك ثلاثة.
أحدها : أن يكون خبرا للمبتدأ ، نحو : كم درهمك؟ في أحد الوجهين ، يعني إذا لم تجعل (كم) مبتدأ (٤).
الثاني : أن يكون خبرا لـ (كان) وأخواتها المتصرفة في معمولها ، نحو : كم غلاما كان غلمانك ، وكم كريم كان قومك. ـ
__________________
البدل من (شيء) ، كأنه قال : وكم مالئ عينيه من البيض كالدمي. ينظر : الحلل (١١٦).
اللغة : من شيء غيره : يعني نساء غيره ، الجمرة : موضع رمي الجمار بمنى ، وسميت جمرة العقبة ، والجمرة الكبرى ، وهي تلي مكة من آخر منى ، والبيض : النساء البيض ، والدمى : جمع دمية ، الصور ، تشبه النساء بها ، لما يبذل في تحسينها ، ولما لهن من الوقار.
والمعنى : وكم مالئ عينيه من النظر إلى نساء غيره الجميلات ، إذا راح لرمي الجمرة بمنى.
فالشاهد : في قوله : «وكم مالئ عينيه من شيء غيره» ؛ حيث حذف خبر (كم) كأنه قال : في الحج ، أو بمنى ؛ لوجود الدليل على الخبر ، وهذا الشطر الثاني من البيت.
وينظر الشاهد أيضا في التذييل والتكميل (٤ / ٣٨٦) ، والجمل للزجاجي (ص ٩٧) ، وأمالي المرتضي (ص ٥٠٦) ، والكامل للمبرد (٢ / ١٠). (١) ينظر : التذييل والتكميل (٤ / ٣٨٦).
(٢) ينظر : المرجع السابق (٤ / ٣٨٤) ، والهمع (٢ / ٧٥).
(٣) ينظر : المرجع قبل السابق الصفحة نفسها ، والهمع (٢ / ٧٥).
(٤) في المرجع السابق (٤ / ٣٨٨): «فإنه يجوز أن تعرب (كم) مبتدأ ، ويجوز أن تعرب خبرا ، و (درهمك) هو المبتدأ ، وهو أقيس الوجهين». اه.