ـ ١٩٦٥ـ كم عمّة لك يا جرير وخالة |
|
فدعاء قد حلبت عليّ عشاري (١) |
انتهى كلام المصنف رحمهالله تعالى (٢). وقد تعرض الشيخ في شرحه لذكر أمور :
منها : أنّ النحاة بينهم خلاف في (كم) أهي مفردة ، قال : وهو قول الجمهور أم مركبة من كاف التشبيه ، وما الاستفهامية ، وحذفت ألفها كما تحذف مع سائر حروف الجرّ ، كما قالوا : لم؟ وبم؟ وعمّ؟ وكثر الاستعمال لها ، فأسكنت ، وأجريت مجرى الساكن في الشّعر (٣) كقول القائل :
١٩٦٦ ـ فلم دفنتم عبيد الله في جدث (٤)
__________________
(١) البيت من الكامل ، وهو في ديوان الفرزدق (١ / ٣٦١) ، ويروى : عمة ، وخالة بالرفع والنصب والجر.
اللغة : فدعاء : المرأة التي اعوجت إصبعها من كثرة الحلب ، وقيل : هي التي أصاب رجلها فدع من كثرة مشيها وراء الإبل ، وقد وصف بها الفرزدق عمات جرير وخالاته ، أي : كم عمة لك فدعاء ، وخالة لك فدعاء ، قد حلبتا. عشاري : جمع عشر ، أو الناقة التي أتت عليها عشرة أشهر من حلبها ، وحلبت عليّ : أي على كره مني.
والمعنى : كثيرا ما خدمتني عمة لك يا جرير وخالة ، على بغضي لها.
والشاهد : في قوله : «كم عمة» ، برفع عمة وخالة ، على حذف التمييز ، والتقدير : كم مرة ، أو كم وقتا ، ويكون الرفع لـ (عمة) وخالة على الابتداء. وكم في محل نصب ، على أنها ظرف ، أو مفعول مطلق وتوجيه الجر على اللغة المشهورة على أن (كم) خبرية ، أما النصب فعلى أن (كم) استفهامية ، ورواية الرفع تدل على أن لجرير عمة واحدة ، وخالة حلبتا عليه عشارة في أوقات كثيرة ، أما رواية الجر والنصب فهي تفيد أن له عمات وخالات أجيرات ممتهنات.
ينظر الشاهد في المقتضب (٣ / ٥٨) ، والخزانة (٦ / ٤٨٦ ، ٤٨٧) ، والكتاب (٢ / ٧٢) ، والعين (١ / ٢٨٧) ، والتوطئة (ص ٢٦٠) ، وشواهد المغني (١ / ٥١١) ، والأشباه والنظائر (٤ / ١٩٩).
(٢) شرح التسهيل لابن مالك (٢ / ٤٢١).
(٣) لمراجعة الخلاف في (كم) ينظر : التذييل والتكميل (٤ / ٣٣٥) ، والإنصاف لابن الأنباري مسألة (رقم ٤٠) وهي : «ذهب الكوفيون إلى أن (كم) مركبة وذهب البصريون إلى أنها مفردة موضوعة للعدد».
(٤) البيت من البسيط ، وهو بتمامه :
فلم دفنتم عبيد الله في جدث |
|
ولم تعجّلتم ولم تروحونا |
لم ينسب لقائل معين ، ولم أهتد إلى قائله.
أنشده الكسائي كما في إعراب القرآن للنحاس ، في سورة الدخان (٣ / ١٠٧٥) ، والشاهد : في قوله : «فلم» أصلها (لما) وحذفت ألفها كما تحذف مع سائر حروف الجر ، ولضرورة الشعر أسكنت الميم فقالوا : لم. ينظر التذييل والتكميل (٤ / ٣٣٥).