.................................................................................................
______________________________________________________
ولا يقاس على شيء منه ، فلا يقاس على (خمسة عشر) وأخواته غيرها من الأعداد ، ولو جاز القياس على ما سمع لقيل : فلان يأتينا وقت وقت ، ونهار ليل ، وعام عام ، قياسا على يأتينا يوم يوم ، وصباح مساء ، وإذا لم يقس على أسماء الزمان مع أنّ فيها كثرة ما ، فأن لا يقاس على اسم المكان الذي هو متعين أحقّ وأولى (١) ، فإنّ الظروف المكانيّة أقلّ من الظروف الزمانية ، وإنّما هي تبع لها في هذا الاستعمال ، كما أنّها تبع لها في الإضافة إلى الجمل ، ولذلك لم يضف من أسماء المكان إلى الجمل إلّا (حيث) وأضيف إليها من أسماء الزمان إذ ، وإذا ، وما أشبهها في المعنى (٢).
والحاصل : أنّه لو ساغ أن يقاس على (يوم يوم) لم يسغ أن يقاس على (بين بين) وأما ما جاء في حديث حذيفة (٣) رضي الله تعالى عنه ، ومن قول إبراهيم ـ عليه الصلاة والسّلام ـ : «إنما كنت خليلا من وراء وراء» (٤) فقد روي بالضمّ ـ
__________________
والشاهد فيه : قوله : «بين بين» ؛ حيث هو من ظروف المكان ، وقد استعمل استعمال (خمسة عشر).
ينظر البيت في : ديوان عبيد بن الأبرص (ص ١٤١) ومعاني القرآن للفراء (١ / ١٧٧) وشرح ابن يعيش (٤ / ١١٧) وما لا ينصرف للزجاج (ص ١٠٦) ، وشذور الذهب (ص ١٠٦) ، والهمع (٢ / ٢٢٩) والدرر (٢ / ٢٤٠).
(١) في المساعد لابن عقيل (٢ / ١٠٠) تحقيق د. بركات : «والمسموع في المكان بين بين ، فلا يقال : خلف خلف ، ولا أمام أمام ، والبناء لتضمّن معنى الواو كخمسة عشر». اه.
(٢) في التذييل والتكميل (٤ / ٣١٤): «وأما المسموع من ظرف المكان فبين بين ولا يقاس عليه فيقال : خلف خلف ، ولا أمام أمام ، وإذا لم يقس ذلك في ظروف الزمان ـ مع أنها أكثر ـ فالأحرى ألا يقاس على ظرف المكان ، إذ ظرف المكان تبع لها في هذا الحكم ، كما أنه تبع لها في الإضافة إلى الجمل ؛ إذ لم يضف منها إلا حيث». اه.
(٣) هو أبو عبد الله حذيفة بن اليمان الصحابي رضياللهعنهما ولقب باليمان ؛ لأنه خالف الأنصار ، وهو من اليمن ، أسلم حذيفة وأبوه ، وهاجر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وشهدوا جميعا أحدا ، روى عن حذيفة جماعة من الصحابة ، وروى عنه بعض التابعين ، وولاه عمر رضياللهعنه المدائن ، وتوفي حذيفة رضياللهعنه بالمدائن سنة (٣٦ ه).
تنظر ترجمته في : تهذيب الأسماء واللغات (١ / ١٥٣ ، ١٥٤).
(٤) هذا الحديث في صحيح مسلم (١ / ١٠٥) كتاب الإيمان ، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها ، من حديث طويل. قوله : «وراء وراء» بالفتح فيهما ، وقيل : بالضم بلا تنوين ، ومعناه : ليست بتلك الدرجة الرفيعة وهي كلمة تذكر على سبيل التواضع. والحديث أيضا في إعراب الحديث النبوي للعكبري برقم (١٥٢ / ص ٨٢) يقول الشيخ : «الصواب (من وراء) بالضم لأن تقديره : من وراء ذلك ، أو من وراء شيء آخر ، فلما حذف المضاف إليه بناه على الضم كقبل وبعد ، فإذا كان الفتح محفوظا احتمل أن تكون الكلمة مركبة مثل : شذر مذر ، وسقطوا بين بين». اه.
وينظر : شرح النووي لصحيح الإمام مسلم (١ / ٤٧٤) طبعة. دار الشعب بمصر.