.................................................................................................
______________________________________________________
قال اللّحيانيّ (١) : قالوا ما أنت من الأحد : أي من الناس (٢) وأنشد هذا البيت.
ويقال للموصوف بعدم النظير : هو أحد الأحد ، وإحدى الإحد ، أي : الدّواهي المقول لكلّ واحدة منها : لا نظير لها.
قال الراجز :
١٩٣٧ ـ حتّى استثاروا بي إحدى الإحد |
|
ليثا هزبرا ذا سلاح معتد (٣) |
انتهى ما ذكره المصنّف.
فأمّا قوله : إنّ (أحدا) قد يستعمل استعمال (واحد) في غير تنييف ؛ فحق وأمّا قوله : إنّه يغني ـ بعد نفي أو استفهام ـ عن قوم ونسوة ؛ فيحتاج إلى تحقيق ذاك ، فيما استشهد به على هذه الدّعوى ، فتقول : أمّا (أحد) في قوله تعالى :(فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ)(٤) فالظاهر ، بل المتعين أنّه ليس هذا ، بل الذي يختصّ في استعماله بالنّفي ، مقصودا به عموم النفي (٥) ، كقوله تعالى : (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً)(٦) ، فالمعنى المستفاد من قوله تعالى : (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ)(٧) نظير المعنى المستفاد من قولك : ما رأيت منكم أحدا. ـ
__________________
(١) هو أبو الحسن علي بن المبارك توفي سنة (٢٢٠ ه) سبقت ترجمته.
(٢) ينظر هذا القول في التذييل والتكميل (٤ / ٢٤٤) ، واللسان مادة «وحد».
(٣) البيت من الرجز وقائله المرار بن سعيد الفقعسي ، كما في الأغاني والخزانة ، وهو شاعر إسلامي في الدولة المروانية ، وكان لصّا من لصوص العرب ، وكان شديد القصر ، ضئيل الجسم.
اللغة : استثاروا بي : هيجوا بي ، إحدى الإحد : إحدى الدواهي ، ليثا وهزبرا : بمعنى الأسد ، قال في الخزانة : وهذا تفسير لإحدى الإحد ، وذا سلاح صفة لقوله : ليثا وكذا معتد من الاعتداء ، إلا أنه وقف عليه بتسكين المنصوب على لغة ربيعة.
والشاهد : في قوله : «إحدى الإحد» ؛ حيث استعمل (إحدى) في المدح ونفي المثل ؛ لأنه لما يستعظم.
ينظر الشاهد في : الأغاني (٩ / ١٥١) ، اللسان «وحد».
(٤) سورة الحاقة : ٤٧ ، وينظر البحر المحيط (٢ / ٣٦٥).
(٥) (أحد) الواقع في التنييف وفي غيره أي المستعمل في العدد ، والذي للعموم هو (أحد) الواقع بعد النفي وشبهه. ينظر التذييل والتكميل (٤ / ٢٤٣).
(٦) سورة الجن : ١٨.
(٧) سورة الحاقة : ٤٧.