فترك صرف «أناس» وهو منصرف ، و «أمّ أناس» بنت ذهل من بني شيبان ، و «عمرو» يريد به عمرو بن حجر الكندي ، وقال الآخر :
[٣١٤] أؤمل أن أعيش وأنّ يومي |
|
بأوّل أو بأهون أو جبار |
أو التّالي دبار ؛ فإن أفته |
|
فمؤنس أو عروبة أو شيار |
فترك صرف «دبار» وهو منصرف ، و «دبار» يوم الأربعاء ، وما ذكره في هذين البيتين أسماء الأيام في الجاهلية ؛ فأوّل : يوم الأحد ، وأهون : يوم الاثنين ، وجبار : يوم الثلاثاء ، ودبار : يوم الأربعاء ، ومؤنس : يوم الخميس ، وعروبة : يوم الجمعة ، وشيار : يوم السبت ، وقال الآخر :
[٣١٥] فأوفضن عنها وهي ترغو حشاشة |
|
بذي نفسها والسّيف عريان أحمر |
______________________________________________________
[٣١٤] أنشد ابن منظور هذين البيتين (ج ب ر ـ د ب ر ـ ش ى ر ـ أن س ـ ه ون) ولم يعزهما إلى قائل معين في أحد هذه المواضع ، وهذه الأسماء أعلام على أيام الأسبوع ، على ما كان العرب يسمونها في الجاهلية ، وقد بينها المؤلف ، ومحل الاستشهاد في البيت قوله «دبار» حيث منعه من الصرف مع أنه لا يوجد فيه إلا سبب واحد وهو العلمية ، ونظيره يقال في «مؤنس» أما «أول ، وأهون» ففيهما العلمية ووزن الفعل وأما «عروبة» ففيه العلمية والتأنيث ، وأما «جبار ، وشيار» فقد صرفهما فجرهما بالكسرة ، وعدم تنوينهما بسبب الرويّ ، وقد ضبط في لسان العرب «دبار ، ومؤنس» بالجر ، وفيه مقال.
[٣١٥] أوفضن عنها : أسرعن ، والإيفاض : الإسراع. وفي القرآن الكريم : (كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) ووفضت الإبل تفض ـ مثل وعد يعد ـ واستوفضت تستوفض ، إذا أسرعت ، وأوفض الرجل واستوفض : أي أسرع ، واستوفض إبله : طردها واستعجلها ، وترغو : من الرغاء ، وهو صوت الإبل ، تقول : رغا البعير ، يرغو رغاء ، إذا صوت فضج ، وقد يقال الرغاء لصوت الضباع والنعام. ومحل الاستشهاد بالبيت قوله «عريان» حيث منعه من الصرف مع أنه ليس فيه إلا الوصفية ، وهي وحدها غير كافية في منع الصرف.
فإن قلت : كيف زعمت أن هذه الكلمة ليس فيها غير الوصفية مع أن الألف والنون فيها زائدتان ، فتكون قد اشتملت على الوصفية وزيادة الألف والنون ، وهما علتان تقتضيان المنع من الصرف نحو عطشان وسكران وغضبان وغرثان.
قلت : إن شرط تأثير زيادة الألف والنون في منع الصرف مع الوصفية أن يكون مؤنث ما فيه الألف والنون بألف التأنيث ، ألست ترى مؤنث عطشان عطشى ، ومؤنث سكران سكرى ، ومؤنث غضبان غضبى ، ومؤنث غرثان غرثى ، وترى مؤنث عريان عريانة ، ومؤنث سيفان ـ وهو الرجل الطويل الممشوق ـ سيفانة ، ومؤنث ندمان ندمانة ، فما كان مؤنثه فعلى فهو ممنوع من الصرف للوصفية وزيادة الألف والنون ، وما كان مؤنثه فعلانة فهو مصروف ، والسر في ذلك أن زيادة الألف والنون مع الوصف محمولة في المنع من الصرف على ألف التأنيث الممدودة وهذه لمذكرها صيغة غير صيغة المؤنث نحو حمراء وأحمر ودعجاء