فترك صرف «زوبر» وهو منصرف ، ومعناه نسبت إليّ بكمالها من قولهم : أخذ الشيء بزوبره ، إذا أخذه كله ، وقيل : «بزوبرا» أي كذبا وزورا ، وقال الآخر :
[٣١٣][٢٠٦]إلى ابن أمّ أناس أرحل ناقتي |
|
عمرو فتبلغ حاجتي أو تزحف |
______________________________________________________
ووجدت له قطعة أخرى عدتها اثنا عشر بيتا يقولها في التنصل إلى خالد القسري عامل هشام بن عبد الملك بن مروان على العراق ؛ من هجاء كان قد هجي به خالد ، فاتهم الفرزدق بذلك الهجو ، وهذا البيت يقع سادس أبياتها ، وأولها :
ألكني إلى راعي الخليفة والذي |
|
له الأفق والأرض العريضة نورا |
والغاوي : غير الرشيد ، ويروى «إذا قال راو» ويروى «عاو» بالعين المهملة ـ من العواء ، وهو صوت الكلب ، وبها جرب : أي فيها عيب من هجاء ونحوه ، وقوله «عدت عليّ بزوبرا» أي نسبت إلى بكمالها ، مأخوذ من قولهم : أخذ الشيء بزوبره ، يريدون كله ، جعل زوبر علما على هذا المعنى. وقد نقل ابن جني عن أبي علي ما قد يفيد أن منع صرف زوبر في هذا البيت جار على القياس ، قال «سألت أبا علي عن ترك صرف زوبر ، فقال : علقه علما على القصيدة فاجتمع فيه التعريف والتأنيث» اه.
[٣١٣] هذا البيت من كلام بشر بن أبي خازم ، وقد أنشده ابن منظور (ز ح ف) وعزاه إليه ، غير أنه وقع هناك هكذا :
قال ابن إياس ارحل ناقتي |
|
عمرو فتبلغ حاجتي أو تزحف |
والذي يتجه لي أن ما وقع في اللسان محرف عما رواه المؤلف هنا ، ثم إني رأيت البغدادي يشير إلى أن هذا البيت قد قيل في مدح عمرو بن حجر الكندي ، وأم أناس : كما قال المؤلف أيضا هي بنت ذهل ، من بني شيبان ، وقد روي هذا البيت على وجه آخر ، وهو :
وإلى ابن أم أناس تعمد ناقتي |
|
عمرو ، لتنجح ناقتي أو تتلف |
وقد بحثت طويلا عن الكلمة التي منها هذا البيت فلم أعثر عليها. وتقول «رحل فلان ناقته يرحلها ـ من باب فتح» إذا وضع عليها الرحل وهيأها للسفر ، وقوله «فتبلغ حاجتي» حذف المفعول الأول ، وأصل الكلام : فتبلغني حاجتي ، وقد اعتاد الشعراء أن يطلبوا إلى الناقة إبلاغهم حاجتهم ، وانظر إلى قول الشماخ بن ضرار الغطفاني :
إذا بلغتني وحملت رحلي |
|
عرابة فاشرقي بدم الوتين |
وإلى قول عنترة بن شداد العبسي قبله :
هل تبلغني دارها شدنية |
|
لعنت بمحروم الشراب مصرم |
وقوله في بيت الشاهد «أو تزحف» مأخوذ من قولهم «زحف البعير يزحف ـ زحفا ـ مثل فتح يفتح فتحا ـ وزحوفا ، وزحفانا» إذا أعيا فجر فرسنه ، يقول : إني أرحل ناقتي إلى عمرو بن أم أناس ، فإما أن تبلغني مقصدي وإما أن تعيا فلا تستطيع السير ، يريد أنه لا يرأف بها ولا يشفق عليها ولا يعطيها شيئا من الراحة. والاستشهاد بالبيت في قوله «أم أناس» فقد منع «أناس» من الصرف ، فجره بالفتحة من غير تنوين مع أنه ليس فيه إلا سبب واحد وهو العلمية ، والكلام فيه كالكلام في الأبيات السابقة.