فترك صرف «شبيب» وهو منصرف ، وقال حسّان :
[٣١١] نصروا نبيّهم وشدّوا أزره |
|
بحنين يوم تواكل الأبطال |
فترك صرف «حنين» وهو منصرف ، قال الله تعالى : (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) [التوبة : ٢٥] ولم يرو عن أحد من القراء أنه لم يصرفه ، وقال الفرزدق :
[٣١٢] إذا قال غاو من تنوخ قصيدة |
|
بها جرب عدّت عليّ بزوبرا |
______________________________________________________
في أحمد ويشكر وبقم ، قال ابن يعيش «السبب الواحد لا يمنع الصرف في حال الاختيار والسعة ، وقد أجاز الكوفيون والأخفش وجماعة من المتأخرين البصريين كأبي علي وابن البرهان وغيرهما ترك صرف ما ينصرف ، وأباه سيبويه وأكثر البصريين ، وقد أنكر المنع أبو العباس المبرد ، وقال : ليس لمنع الصرف أصل يرد إليه ، وقد أنشد من أجاز ذلك أبياتا صالحة العدة ... وقد تأولها أبو العباس وروى شيئا منها على غير ما رووه» اه. وقال ابن هشام «وأجاز الكوفيون والأخفش والفارسي للمضطر أن يمنع صرف المنصرف ، وأباه سائر البصريين ، وعن ثعلب أنه أجاز ذلك في الكلام» اه. وقال الرضي «وجوز الكوفيون وبعض البصريين للضرورة ترك صرف المنصرف ، لا مطلقا ، بل بشرط العلمية دون غيرها من الأسباب ؛ لقوتها وذلك بكونها شرطا لكثير من الأسباب مع كونها سببا» اه.
[٣١١] هذا البيت لحسان بن ثابت الأنصاري ، وقد أنشده ابن منظور (ح ن ن) وعزاه إليه ، وحنين ـ بالضم ، على زنة التصغير ـ اسم واد بين مكة والطائف ، قال الأزهري : حنين اسم واد كانت به وقعة أوطاس ، ذكره الله تعالى في كتابه فقال : (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) وقال الجوهري : حنين موضع ، يذكر ويؤنث ، فإذا قصدت به الموضع ذكرته وصرفته كقوله تعالى : (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ) وإن قصدت به البقعة أنثته ولم تصرفه ، وأنشد لذلك بيت حسان ، وإذا كان ما قاله الجوهري صحيحا ـ وهو صحيح إن شاء الله ـ فإن منع حسان صرف «حنين» يكون جاريا على القياس ، ولا ضرورة فيه ؛ لأن فيه علتين إحداهما العلمية والأخرى التأنيث ، فأما أن القراء أجمعوا على صرف «حنين» في الآية الكريمة فلا يدل على عدم جوازه في السعة بتقدير تأنيثه على أنه علم على البقعة ، وذلك لأن القراءة لا تتبع صحة الوجه عربية ، ولكنها سنّة متبعة وهي لا تخالف العربية ولكن ليس معنى هذا أن كل ما جاز في العربية جازت القراءة به ، ولكن معناه أن كل ما قرىء به فهو جائز في العربية ، وفرق بين الكلامين ، والمؤلف نفسه شنع على الكوفيين في المسألة (٣٣) على أساس زعمهم أن كل ما جاز في العربية يرد في القرآن ولم يقرأ به القراء.
[٣١٢] نسب المؤلف هذا البيت للفرزدق ، وقد أنشده ابن منظور (ز ب ر) ونسبه إلى ابن أحمر ، وأنشده ابن يعيش في شرح المفصل (ص ٤٤ ليبزج) ونسبه إلى الطرماح ، وأنشد ابن سيده في المخصص (١٥ / ١٨٣) كلمة الاستشهاد من هذا البيت ، من غير عزو ، وقد رجعت إلى ديوان الفرزدق ، فوجدت فيه أربعة أبيات يقولها لقومه يقع هذا البيت ثانيها ، وقبله :
يا قوم إني لم أكن لأسبكم |
|
وذو البرء محقوق بأن يتعذرا |