١١٣
مسألة
[وزن الخماسي المكرر ثانية وثالثه](١)
ذهب الكوفيون إلى أن «صمحمح ودمكمك» على وزن فعلّل. وذهب البصريون إلى أنه على وزن فعلعل.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إنه على وزن فعلّل ، وذلك أن الأصل في «صمحمح ودمكمك صمحّح ودمكّك ، إلا أنهم استثقلوا جمع ثلاث حاءات وثلاث كافات ، فجعلوا الوسطى منها ميما ، والإبدال لاجتماع الأمثال كثير في الاستعمال ، قال الله تعالى : (فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ) [الشعراء : ٩٤] والأصل كبّبوا ؛ لأنه من «كببت الرّجل على وجهه» إلا أنهم استثقلوا اجتماع ثلاث باءات فأبدل من الوسطى كاف ، وقال الفرزدق :
[٤٨٩] موانع للأسرار إلّا لأهلها |
|
ويخلفن ما ظنّ الغيور المشفشف |
______________________________________________________
[٤٨٩] هذا البيت هو التاسع من قصيدة للفرزدق همام بن غالب (الديوان ٥٥١ والنقائض ٥٤٨ ليدن) ومطلعها قوله :
عزفت بأعشاش ، وما كدت تعزف |
|
وأنكرت من حدراء ما كنت تعرف |
وقد أنشده ابن منظور (ش فـ ف).
وقوله «موانع للأسرار» معناه أنهن لا يتزوجن إلا أكفاءهن ، والأسرار : جمع سرّ ، وهو الزواج ، من قوله تعالى : (وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا) والمشفشف ـ بصيغة المفعول ـ الذي كأن به رعدة واختلاطا ، وذلك من شدة الغيرة والإشفاق على حرمه ، وقال الأصمعي : هو الذي تشفّ الغيرة فؤاده ، وهو السيّىء الظن ، وذلك من إشفاقه على أهله ، قال : وإنما أراد المشفف فكرر الشين ، كما قالوا : دمع مكفكف ، وقد تجفجف الشيء من الجفوف وأصله تجفف ، وهذه ثلاثة أحرف من جنس واحد يكره جمعها ، ففرقوا بينها بحرف من الكلمة ، وهو فاء الفعل ، وربما قرىء المشفشف بزنة اسم
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : شرح الأشموني بحاشية الصبان (٤ / ٢١٠ و ٢١٤ ـ ٢١٥) وتصريح الشيخ خالد الأزهري (٢ / ٤٤٨ ـ ٤٤٩).