في حكم الثابتة ، ولو لا ذلك لما صحت الواو ، وكانت تقلب همزة ؛ لوقوعها قبل الطرف بحرف ؛ لأنهم يجرون ما قبل الطرف بحرف من هذا النحو مجرى الطرف وهم يقلبون الواو إذا وقعت طرفا وقبلها ألف زائدة (١) همزة ؛ فها هنا لما
______________________________________________________
العجاج ، وليس ذلك صحيحا ، وابن منظور (ع ور) والأشموني (رقم ١٢٢٢) وابن هشام في أوضح المسالك (رقم ٥٦٦) وتقاربت أباعري : كنى بذلك عن قلتها ، وأراد أنه غير ذي ثراء ، والدوائر : جمع دائرة ، وأراد بها أحداث الزمان ومصائبه ، وثاغري : يريد أنه مذهب أسنانه ، والعواور : جمع عوار ـ بوزن رمان ـ وهو وجع في العين ، جعله كحلا على سبيل التهكم.
ومحل الاستشهاد بالبيت هنا قوله «بالعواور» فإن أصله بالعواوير ـ بياء بعد الواو منقلبة عن ألف المفرد كما تقول في جمع قرطاس : قراطيس ، والواو إذا كانت قريبة من طرف الكلمة بأن تكون قبل آخرها مباشرة تقلب همزة ، وكذلك الياء ، تقول في جمع أول أوائل ، وفي جمع جيد وسيد وصائد : جيائد ، وسيائد ، وصيائد ، وأصلهن : جياود ، وسياود ، وصوايد ، فإن انفصلت الواو أو الياء من الطرف بياء مفاعيل لم تقلب همزة وبقيت على أصلها نحو طواويس ونواويس ، وبحسب الظاهر كان يجب قلب الواو من العواور همزة ؛ لأنها غير مفصولة من الطرف ، إلا أنه لما كان مفرد هذا اللفظ هو عوار ، وكان أصل جمعه العواوير ـ بياء فاصلة بين الواو وطرف الكلمة ـ إلا أن الراجز حذف هذه الياء للتخفيف ، وهو يريدها ، فكأنها موجودة ، ولذلك لم يقلب الواو همزة ، قال ابن جني «وصحة الواو في قوله :
* وكحل العينين بالعواور*
إنما جاء لإرادة الياء في العواوير وليعلم أن هذا الحرف ليس بقياس ولا منقاد» اه. وقال الأعلم «الشاهد فيه تصحيح واو العواور الثانية ؛ لأنه ينوي الياء المحذوفة من العواوير ، والواو إذا وقعت في مثل هذا الموضع لم تهمز ، لبعدها من الطرف الذي هو أحق بالتغيير والاعتلال ، ولو لم تكن فيه ياء منوية للزم همزها ، كما قالوا في جمع أول : أوائل ، والأصل أواول» اه كلامه.
وقال ابن منظور «فأما قوله :
* وكحل العينين بالعواور*
فإنما حذف الياء للضرورة ، ولذلك لم يهمز ، لأن الياء في نيّة الثبات ، فكما كان لا يهمزها والياء ثابتة ، كذلك لم يهمزها والياء في نيّة الثبات» اه. والعوار ـ بزنة رمان أيضا ـ الجبان ، وجمعوه على عواوير ، وربما قالوا فيه : عواور ، فلم يهمزوا ؛ لأنهم يريدون الياء وينوونها ، قال الأعشى في العواوير بثبوت الياء :
غير ميل ولا عواوير في الهي |
|
جا ، ولا عزل ، ولا أكفال |
وقال لبيد يعاتب عمه في العواوير بحذف الياء مع نيتها :
وفي كل يوم ذي حفاظ بلوتني |
|
فقمت مقاما لم تقمه العواور |
__________________
(١) وقوع الواو أو الياء طرفا وقبلهما ألف زائدة يوجب قلب كل منهما همزة ومثال ذلك كساء ورداء ، وأصلها كساو ورداي ، ووقوع الواو والياء قبل الطرف بحرف وقبلهما ألف زائدة يوجب قلب كل منهما