«ضرّاب وقتّال» (١) ولا يجيء في بابه مقصور ، وقال الآخر :
[٤٦١] ولكنّما أهدي لقيس هديّة |
|
بفيّ من اهداها لك الدّهر إثلب |
فقصر «إهداها» وهو مصدر أهدى يهدي إهداء ، ولا يجيء في بابه مقصور ، ألا ترى أن نظيره من الصحيح أكرم إكراما وأخرج إخراجا ، وما أشبه ذلك ، وقال الآخر :
فلو أنّ الأطبّا كان حولي |
|
وكان مع الأطبّاء الأساة [٢٤٥] |
فقصر «الأطبّاء» وهو جمع طبيب ، ولا يجيء في بابه مقصور ؛ لأن القياس يوجب مدّه ؛ لأن الأصل في طبيب أن يجمع على طبباء على مثال فعلاء ، كشريف وشرفاء وظريف وظرفاء ؛ إلا أنه اجتمع فيه حرفان متحركان من جنس واحد ، فاستثقلوا اجتماعهما ، فنقلوه من فعلاء إلى أفعلاء فصار أطبباء ، فاستثقلوا أيضا اجتماع حرفين متحركين من جنس واحد ، فنقلوا كسرة الباء الأولى إلى الطاء ، فرارا من الاستثقال ، وأدغموا الباء ، في الباء ، فصار أطبّاء ، وكذلك حكم ما جاء على هذا المثال في جمع فعيل من المضاعف ، كقولهم : حبيب وأحبّاء ، وخليل وأخلّاء ، وجليل وأجلّاء ، وما أشبه ذلك ، ولا يجوز في القياس أن يقع شيء من هذا الجمع إلا ممدودا ، فلما قال «الأطبّا» فقصر ما يوجب القياس مدّه دلّ على فساد ما ذهب إليه ، والله أعلم.
______________________________________________________
[٤٦١] أنشد ابن منظور هذا البيت (ث ل ب) ولم يعزه ، وقوله «بفي» أي بفمي ، وهو متعلق بقوله أهدي ، يريد أنه يهديه كلاما ، و «له الدهر إثلب» جملة مستأنفة ، يريد : له الدهر إثلب من إهدائي إياها ، والإثلب : التراب والحجارة ، وقال شمر : الأثلب بلغة أهل الحجاز الحجر ، وبلغة تميم التراب ، وهمزة الإثلب مكسورة أو مفتوحة ، والفتح أكثر. ومحل الاستشهاد من هذا البيت قوله «اهداها» فإن أصل هذه الكلمة «إهدائها» لأنه مصدر أهدى إليه هدية يهديها إهداء ـ مثل أكرمه يكرمه إكراما ـ فهو ممدود قياسي ، ولم يجىء في باب مصدر «أفعل يفعل» مقصور حتى يحمل هذا عليه ، فأنت تقول : أعطى يعطي إعطاء.
وأبقى يبقي إبقاء ، وأرضى يرضي إرضاء ، وهلم جرا ؛ وهذا ردّ على الفرّاء الذي اشترط لجواز قصر الممدود أن يكون قد جاء في بابه مقصور ، ووجه الردّ ما ذكرنا مثله في شرح الشاهد السابق.
__________________
(١) في ر «وقفال».