وقول الآخر :
[٤٥٧] لم نرحّب بأن شخصت ، ولكن |
|
مرحبا بالرّضاء منك وأهلا |
فهذه الأبيات كلها تدل على جوازه.
وأما من جهة القياس فإنما قلنا إنه يجوز مد المقصور لأنا أجمعنا على أنه يجوز في ضرورة الشعر إشباع الحركات التي هي الضمة والكسرة والفتحة فينشأ عنها الواو والياء والألف ؛ فإشباع الضمة كقوله :
* كأنّ في أنيابها القرنفول* [٨]
______________________________________________________
اضطر لإقامة وزن البيت ، وزعم قوم أنه بفتح الغين من قولهم «هذا رجل لا غناء عنده» فيكون ممدودا أصالة ، وزعم آخرون أنه بكسر الغين وأنه مصدر «غانيته أغانيه غناء ـ مثل راميته أراميه رماء» إذا فاخرته وباهيته في الغنى بكسر الغين وبالقصر ، قال ابن منظور «وأما قوله :
* سيغنيني الذي أغناك ... البيت
فإنه يروى بالفتح والكسر ، فمن رواه بالكسر أراد مصدر غانيت ، ومن رواه بالفتح أراد الغنى نفسه ، قال أبو إسحاق : إنما وجهه ولا غناء ـ يعني بفتح الغين ـ لأن الغناء غير خارج من معنى الغنى ، وكذلك أنشده من يوثق بعلمه» اه. وقال ابن هشام «واختلفوا في جواز مد المقصور للضرورة ، فأجازه الكوفيون متمسكين بنحو قوله :
* فلا فقر يدوم ولا غناء*
ومنعه البصريون ، وقدروا الغناء في البيت مصدرا لغانيت لا مصدرا لغنيت ، وهو تعسف» اه.
[٤٥٧] شخص الرجل يشخص ـ مثل فتح يفتح ـ شخوصا ، إذا ذهب من بلد إلى بلد ، والرضاء : ضد السخط ؛ ومحل الاستشهاد في هذا البيت قوله «بالرضاء» فإن أصله الرضا مقصورا ، لكن الشاعر لما اضطر لإقامة الوزن مدّه ، وبهذا يستدل الكوفيون على أنه يجوز للشاعر إذا ألجأته الضرورة أن يمد المقصور ، كما يجوز له عند الضرورة أن يقصر الممدود ، ولكن الأخفش ـ على ما في اللسان ـ حكى أن مصدر «رضي» هو الرضا بالقصر ، ومنه قول القحيف العقيلي :
إذا رضيت علي بنو قشير |
|
لعمر الله أعجبني رضاها |
والاسم الرضاء بالمدّ ، فيجوز ـ إن صح هذا ـ أن يكون الرضاء في بيت الشاهد اسما لا مصدرا ، فيكون ممدودا أصالة ، وبهذا يسقط استدلال الكوفيين بهذا البيت وقد أنشد الكوفيون للاستدلال على ما ذهبوا إليه قول العجاج :
والمرء يبليه بلاء السربال |
|
كر الليالي وانتقال الأحوال |
وهذا البيت من شواهد الأشموني في المسألة (رقم ١١٥٥) وإنما يتم الاستدلال لهم بهذا البيت إذا قرىء «بلاء السربال» بكسر الباء ، فإنه يقال : بلي الثوب يبلى بلى مثل رضي يرضى رضى ـ وأما إذا فتحت الباء فإنه ممدود أصالة ، قال ابن منظور «بلي الثوب يبلى بلى وبلاء ، وأبلاه صاحبه .. إذا فتحت الباء مددت ، وإذا كسرت قصرت ، ومثله القرى والقراء ، والصلى والصلاء» اه.