آخر ، والمعنى أنه قد جمع الطّعمين ، ونحوه قول الشاعر :
[٤٤٧] من يك ذا بتّ فهذا بتّي |
|
مصيّف مقيّظ مشتّي |
تخذته من نعجات ستّ |
|
سود جعاد من نعاج الدّشت |
فبتّي : خبر المبتدأ الذي هو هذا ، ومصيف : خبر ثان ، ومقيظ : خبر ثالث ، ومشتّي : خبر رابع ، وإذا جاز أن يكون له أربعة أخبار جاز أن يكون له خبران.
والوجه الثاني : أن يكون «البيت» مبهما لا يدل على معهود ، و «أكرم» وصف له ؛ فكأنه قال : لأنت بيت أكرم أهله ، كما يقال : إني لآمر بالرجل غيرك ، ومثلك ، وخير منك ، فيكون «غيرك ، ومثلك ، وخير منك» ـ وهي نكرات ـ أوصافا للرجل ؛ لأنه لما كان مبهما لا يدل على معهود فكأنه قال «إني لآمر برجل غيرك ، ومثلك ، وخير منك» كما قال الشاعر :
ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا |
|
ولقد نهيتك عن بنات الأوبر [٢٠١] |
______________________________________________________
[٤٤٧] هذه أربعة أبيات من الرجز المشطور ، وأولها وثانيها من شواهد سيبويه (١ / ٢٥٨) ولم يعزهما ولا عزاهما الأعلم إلى قائل معين ، وأربعتها من شواهد ابن يعيش في شرح المفصل (ص ١٢١) واستشهد بأولها وثانيها أيضا الأشموني (رقم ١٦٤) وابن عقيل (رقم ٥٨) وشرحه العيني (١ / ٥٦١ بهامش الخزانة) وتنسب أربعة الأبيات لرؤبة بن العجاج ، ولكني لم أجدها في ديوان رجزه ، ووجدتها في الزيادات الملحقة به والأول والثاني والثالث في اللسان (ب ت ت) من غير عزو ، والثالث والرابع فيه (د ش ت) من غير عزو أيضا. والبت ـ بفتح الباء وتشديد التاء ـ هو هنا كساء من صوف ، ويقال على ضرب من الطيالسة يسمى الساج يكون مربعا غليظا أخضر ، وقوله «مقيّظ مصيّف مشتّي» يريد أنه يكفيه في الأزمنة الثلاثة ، والدّشت ـ بفتح الدال وسكون الشين ـ الصحراء. ومحل الاستشهاد من هذا البيت قوله «هذا بتي مقيظ مصيف مشتي» حيث أخبر عن المبتدأ الواحد ـ وهو اسم الإشارة ـ بأربعة أخبار ، وجعل هذه الأربعة أخبارا لهذا المبتدأ المذكور في الكلام هو مذهب سيبويه ، وكان شيخه الخليل لا يرى ذلك ، بل كان يرى أنه إذا ورد ما ظاهره تعدد الخبر للمبتدأ الواحد نظر ، فإن كانت هذه الأخبار مجتمعة تؤدي ما تؤديه الصفة الواحدة ، ولا يجوز حذف بعضها وإبقاء بعضها الآخر نحو أن تقول : فلان أعسر أيسر ، وأن تقول : الرمان حلو حامض ، كان الاثنان أو الأكثر خبرين أو أخبارا عن المبتدأ الواحد ، وإلا يكن الأمر كذلك كان أحدها خبرا عن المبتدأ المذكور ، وقدرت لكل واحد مما عداه مبتدأ آخر ، فتقول : هذا بتي ، هو مقيّظ ، هو مصيّف ، هو مشتّي ، ومن العلماء من أجاز تعدد الخبر للمبتدأ الواحد بشرط أن تكون الأخبار كلها متحدة في الإفراط أو الجملية ، فاعرف هذا ، وكن منه على ثبت.