٩٩
مسألة
[المسألة الزنبورية](١)
ذهب الكوفيون إلى أنه يجوز أن يقال «كنت أظنّ أن العقرب أشدّ [٢٩٣] لسعة من الزّنبور فإذا هو إياها». وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز أن يقال «فإذا هو إياها». ويجب أن يقال «فإذا هو هي».
أما الكوفيون فاحتجوا بالحكاية المشهورة بين الكسائي وسيبويه ، وذلك أنه لما قدم سيبويه على البرامكة ، فطلب أن يجمع بينه وبين الكسائي للمناظرة ؛ حضر سيبويه في مجلس يحيى بن خالد وعنده ولداه جعفر والفضل ومن حضر بحضورهم من الأكابر ، فأقبل خلف الأحمر على سيبويه قبل حضور الكسائي ، فسأله عن مسألة ، فأجابه سيبويه ، فقال له الأحمر : أخطأت ، ثم سأله عن ثانية فأجابه فيها ، فقال له : أخطأت ، ثم سأله عن ثالثة ، فأجابه فيها ، فقال له : أخطأت ، فقال له سيبويه : هذا سوء أدب ، قال الفراء : فأقبلت عليه وقلت : إن في هذا الرجل عجلة وحدّة ، ولكن ما تقول في من قال «هؤلاء أبون ، ومررت بأبين» كيف تقول على مثال ذلك من «وأيت» و «أويت» فقدّر فأخطأ ، فقلت : أعد النظر ، فقدّر فأخطأ ، فقلت : أعد النظر ، فقدّر فأخطأ ، ثلاث مرات يجيب ولا يصيب. فلما كثر ذلك عليه قال : لا أكلمكما أو يحضر صاحبكما حتى أناظره ، قال : فحضر الكسائي ، فأقبل على سيبويه فقال : تسألني أو أسألك؟ فقال : بل تسألني أنت ، فأقبل عليه الكسائي فقال : كيف تقول : كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي ، أو فإذا هو إياها ؛ فقال سيبويه : فإذا هو هي ، ولا يجوز النصب؟ فقال له الكسائي : لحنت ، ثم سأله عن مسائل من هذا النحو نحو «خرجت فإذا عبد الله القائم ، والقائم» فقال سيبويه في ذلك بالرفع دون النصب ، فقال الكسائي : ليس هذا من كلام العرب ، والعرب ترفع ذلك كله وتنصبه ، فدفع
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : مغني اللبيب لابن هشام (ص ٨٨ ـ ٩٢) فقد فصل المسألة وخرج المثال موضع الخلاف تخريجا دقيقا.