وقال الآخر :
[٤٣٥] أتطمع
فينا من أراق دماءنا
|
|
ولولاك لم
يعرض لأحسابنا حسن
|
______________________________________________________
لولاك ولولاي ،
إذا أضمرت فيه الاسم جر ، وإذا أظهرت رفع ، ولو جاءت علامة الإضمار على القياس
لقلت : لو لا أنت ، كما قال سبحانه : (لَوْ لا أَنْتُمْ
لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) ولكنهم جعلوه مضمرا مجرورا ، والدليل على ذلك أن الياء
والكاف لا تكونان علامة مضمر مرفوع ، قال الشاعر :
* وكم موطن لولاي ... البيت*
وهذا قول
الخليل ويونس» اه كلامه.
والمذهب الثاني
: مذهب الأخفش والفراء ، وحاصله أن الياء والكاف والهاء في محل رفع بالابتداء ،
ولو لا حرف ابتداء على حالها ، وليس لها إلا حال واحدة ، ولكن العرب وضعت ضمير
الجر في موضع ضمير الرفع ، كما عكسوا فوضعوا ضمير الرفع في موضع ضمير الجر فقالوا
: ما أنا كأنت ولا أنت كأنا.
والمذهب الثالث
: مذهب الكسائي ، وتلخيصه أن الاسم المرتفع بعد «لو لا» فاعل بفعل محذوف يدل عليه
المقام ، وتقدير الكلام : لو لم يكن فعلي ، وذلك لأن «لو لا» عنده تختص بالفعل ،
ولم أجد نصا صريحا عنه يمنع وقوع الضمير المتصل بعد لو لا أو يجيزه ، إلا ما ذكره
ابن يعيش استنباطا في شرح مذهبه حيث يقول «وأما الكسائي فكان يرى ارتفاع الاسم بعد
لو لا بفعل مضمر ، معناه لو لم يكن فعلي ، فعلى هذا ينبغي إذا كنى عنه أن تقول :
لو لا أنا ، ولو لا أنت ، لأن الفعل لم يظهر فتتصل به كنايته ، فوجب أن يكون
الضمير منفصلا» اه كلامه بحروفه ، وقوله : «فعلى هذا ـ إلخ» استنباط من عنده بحسب
الأصول والقواعد ، ولعل الكسائي يجيز وضع الضمير المتصل في مكان المنفصل المرفوع
كالأخفش والفراء ، والفرق بينهما هو في العامل في الضمير ؛ فالأخفش والفراء يريان
أن العامل في الضمير هو الابتداء لأن لو لا عندهما لا تكون إلا حرف ابتداء ، والكسائي
يرى أن العامل في الضمير الفعل المقدر ؛ لأن لو لا حرف يختص بالفعل فلا يقع بعده
إلا الفعل لفظا أو تقديرا ، وارجع إلى المسألة العاشرة.
[٤٣٥] ينسب هذا
البيت إلى عمرو بن العاص يقوله لمعاوية بن أبي سفيان في شأن الحسن بن علي ، رضياللهعنهم أجمعين ، وقبل البيت قوله :
معاوي إني لم
أبايعك فلتة
|
|
وما زال ما
أسررت مني كما علن
|
والبيت من
شواهد ابن يعيش في شرح المفصل (ص ٤٣٨) والأشموني (رقم ٥٢٤) وابن عقيل (رقم ١٩٩)
وشرحه العيني (٣ / ٢٦٠ بهامش الخزانة) ومحل الاستشهاد من هذا البيت قوله «ولولاك»
حيث وقع الضمير المتصل الذي حقّه أن يكون في موضع الجر أو موضع النصب بعد لو لا ؛
ومجيء هذا الاستعمال في كلام العرب المحتج بكلامهم يرد أولا على أبي العباس المبرد
الذي أنكر مثل هذا الاستعمال ، وللذين يجيزون هذا الاستعمال ثلاثة تخريجات ذكرناها
مفصلة في شرح الشاهد السابق ، فارجع إليها إن شئت.